23468 / 11163 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ قَرَأَ: {طه} وَ{يس} قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفِ عَامٍ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالُوا: طُوبَى لِأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهَا، وَطُوبَى لِأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا، وَطُوبَى لِأَلْسُنٍ تَكَلَّمُ بِهَذَا»”.
قال الهيثميُّ: رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
23469 / 11164 – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: طه قَالَ: يَا رَجُلُ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ النَّيْسَابُورِيِّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3979) للحارث. ولفظه في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/ 234): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- “فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (طه) أي: يَا رَجُلُ، وَهِيَ بِالنِّبْطِيَّةِ. قَالَ شَاذَانُ: رُبَّمَا قَالَ شَرِيكٌ: طَهَ يَا رَجُلُ”.
23470 / ز – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {طَهْ} [سورة: طه، آية رقم: 1] قَالَ: ” هُوَ كَقَوْلِكَ: يَا مُحَمَّدُ، بِلِسَانِ الْحَبَشِ”.
أخرجه الحاكم في المستدرك (3479).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2].
23471 / 11165 – عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُرَاوِحُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ، يَقُومُ عَلَى كُلِّ رِجْلٍ حَتَّى نَزَلَتْ {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2]».
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ، وَكَيْسَانُ أَبُو عَمْرٍو وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، [طه: 5].
23472 / 11165/2990– أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ارْتَفَعَ.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (2990)لإسحاق. وهو في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (1/ 186).
قوله تعالى: {يعلم السر وأخفى} [7]
23473 / ز – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] قَالَ: ” {السِّرُّ} [طه: 7] مَا عَلِمْتَهُ أَنْتَ {وَأَخْفَى} [طه: 7] مَا قَذَفَهُ اللَّهُ فِي قَلْبِكَ مِمَّا لَمْ تَعْلَمْهُ.
أخرجه الحاكم في المستدرك (3482).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40].
23474 / 11166 – عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] سَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ مَا هُوَ؟ قَالَ: اسْتَأْنِفِ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهَا حَدِيثَةٌ طَوِيلَةٌ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ، قَالَ: تَذَاكَرَ فِرْعَوْنُ وَجُلَسَاؤُهُ مَا كَانَ اللَّهُ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيَنْظُرُونَ ذَلِكَ مَا يَشُكُّونَ فِيهِ، وَقَدْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، فَلَمَّا هَلَكَ قَالُوا: لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ فِرْعَوْنُ: كَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَأْتَمَرُوا وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رِجَالًا مَعَهُمُ الشِّفَارُ، يَطُوفُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَا يَجِدُونَ مَوْلُودًا ذَكَرًا إِلَّا ذَبَحُوهُ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْكِبَارَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَمُوتُونَ بِآجَالِهِمْ وَالصِّغَارَ يُذَبَّحُونَ قَالُوا: يُوشِكُ أَنْ تُفْنُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَتُضْطَرُّوا أَنْ تُبَاشِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّذِي كَانُوا يَكْفُونَكُمْ، فَاقْتُلُوا عَامًا كُلَّ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ فَيَقِلُّ نَبَاتُهُمْ، وَدَعُوا عَامًا فَلَا يُقْتَلُ 56/7 مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَيَنْشَأَ الصِّغَارُ مَكَانَ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْكِبَارِ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَكْثُرُوا بِمَنْ تَسْتَحْيُونَ مِنْهُمْ فَتَخَافُونَ مُكَاثَرَتَهُمْ إِيَّاكُمْ، وَلَنْ يَفْنَوْا بِمَنْ تَقْتُلُونَ فَتَحْتَاجُونَ إِلَى ذَلِكَ. فَأَجْمَعُوا أَمَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَحَمَلَتْ أُمُّ مُوسَى بِهَارُونَ فِي الْعَامِ الَّذِي لَا يُذْبَحُ فِيهِ الْغِلْمَانُ، فَوَلَدَتْهُ عَلَانِيَةً آمِنَةً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَمَلَتْ بِمُوسَى، فَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا الْهَمُّ وَالْحُزْنُ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ بِمَا دَخَلَ مِنْهُ فِي قَلْبِ أُمِّهِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهَا أَنْ لَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَأَمَرَهَا إِنْ وَلَدَتْ أَنْ تَجْعَلَهُ فِي تَابُوتٍ ثُمَّ تُلْقِيَهُ فِي الْيَمِّ، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِهِ. فَلَمَّا تَوَارَى عَنْهَا ابْنُهَا أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا: مَا صَنَعْتُ بِابْنِي! لَوْ ذُبِحَ عِنْدِي فَوَارَيْتُهُ وَكَفَّنْتُهُ كَانَ خَيْرًا لِي مِنْ أَنْ أُلْقِيَهُ بِيَدِي إِلَى زَفَرَاتِ الْبَحْرِ وَحِيتَانِهِ، فَانْتَهَى الْمَاءُ بِهِ إِلَى فُرْضَةِ مُسْتَقَى جَوَارِي امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَخَذْنَهُ، فَهَمَمْنَ أَنْ يَفْتَحْنَ التَّابُوتَ، فَقَالَ بِعْضُهُنَّ: إِنَّ فِي هَذَا مَالًا وَإِنَّا إِنْ فَتَحْنَاهُ لَمْ تُصَدِّقْنَا امْرَأَةُ الْمَلِكِ بِمَا وَجَدْنَا فِيهِ. فَحَمَلْنَهُ بِهَيْئَتِهِ لَمْ يُحَرِّكْنَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَفَعْنَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتْ فِيهِ غُلَامًا، فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَحَبَّةٌ لَمْ تَجِدْ مِثْلَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ قَطُّ، فَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا مَنْ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى، فَلَمَّا سَمِعَ الذَّبَّاحُونَ بِأَمْرِهِ أَقْبَلُوا بِشِفَارِهِمْ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ لِيَذْبَحُوهُ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَتْ لَهُمُ: اتْرُكُوهُ، فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لَا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى آتِيَ فِرْعَوْنَ فَأَسْتَوْهِبَهُ مِنْهُ، فَإِنْ وَهَبَهُ لِي كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ لَمْ أَلُمْكُمْ، فَأَتَتْ بِهِ فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ: قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ قَالَ فِرْعَوْنُ: يَكُونُ لَكِ، فَأَمَّا لِي فَلَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ كَمَا أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ لَهَدَاهُ اللَّهُ كَمَا هَدَى امْرَأَتَهُ، وَلَكِنْ حَرَمَتْهُ ذَلِكَ”. فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلَهَا مَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا لَبَنٌ لِتَخْتَارَ لَهُ ظِئْرًا، فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ لِتُرْضِعَهُ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَهَا حَتَّى أَشْفَقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ 57/7 أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتَ، فَأَحْزَنَهَا ذَلِكَ، فَأُخْرِجُ إِلَى السُّوقِ وَمَجْمَعِ النَّاسِ تَرْجُو أَنْ تَجِدَ لَهُ ظِئْرًا يَأْخُذُ مِنْهَا، فَلَمْ يَقْبَلْ. فَأَصْبَحَتْ أُمُّ مُوسَى وَالِهَةً، فَقَالَتْ لِأُخْتِهِ: قُصِّيهِ، قُصِّي أَثَرَهُ وَاطْلُبِيهِ هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا؟ حَيٌّ ابْنِي أَمْ أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ؟ وَنَسِيَتْ مَا كَانَ اللَّهُ وَعَدَهَا مِنْهُ، فَبَصُرَتْ بِهِ أُخْتُهُ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ وَالْجُنُبُ: أَنْ يَسْمُوَ بَصَرُ الْإِنْسَانِ إِلَى الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ لَا يَشْعُرُ بِهِ فَقَالَتْ مِنَ الْفَرَحِ حِينَ أَعْيَاهُمُ الظُّؤَارُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ. فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا: مَا يُدْرِيكِ مَا نُصْحُهُمْ لَهُ؟ هَلْ تَعْرِفُونَهُ؟ حَتَّى شَكُّوا فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَتْ: نُصْحُهُمْ لَهُ وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ رَغْبَةً فِي صِهْرِ الْمَلِكِ وَرَجَاءَ مَنَعَتِهِ. فَأَرْسَلُوهَا فَانْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهَا فَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا نَزَا إِلَى ثَدْيِهَا فَمَصَّهُ حَتَّى امْتَلَأَ جَنْبَاهُ رِيًّا. فَانْطَلَقَ الْبَشِيرُ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ يُبَشِّرُهَا أَنْ قَدْ وَجَدْنَا لِابْنِكَ ظِئْرًا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَأُتِيَتْ بِهَا وَبِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا يَصْنَعُ بِهَا قَالَتْ لَهَا: امْكُثِي عِنْدِي تُرْضِعِينَ ابْنِي هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أُحِبَّ حُبَّهُ شَيْئًا قَطُّ. قَالَتْ أُمُّ مُوسَى: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَ بَيْتِيَ وَوَلَدِيَ فَيَضِيعَ، فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُكِ أَنْ تُعْطِيَنِيهِ فَأَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَيْتِي فَيَكُونَ مَعِي لَا آلُوهُ خَيْرًا، وَإِلَّا فَإِنِّي غَيْرُ تَارِكَةٍ بَيْتِي وَوَلَدِي. وَذَكَرَتْ أُمُّ مُوسَى مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَهَا، فَتَعَاسَرَتْ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَأَيْقَنَتْ أَنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ، فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا بِابْنِهَا. فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْقَرْيَةُ مُجْتَمِعِينَ يَمْتَنِعُونَ مِنَ السُّخْرَةِ وَالظُّلْمِ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ. قَالَ: فَلَمَّا تَرَعْرَعَ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِأُمِّ مُوسَى: أَنْ تُرِينِي ابْنِي، فَوَعَدَتْهَا يَوْمًا تُرِيهَا إِيَّاهُ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِخُزَّانِهَا وَقَهَارِمَتِهَا وَظُؤُورِهَا: لَا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا اسْتَقْبَلَ ابْنِي الْيَوْمَ بِهَدِيَّةٍ وَكَرَامَةٍ لِأَرَى ذَلِكَ فِيهِ، وَأَنَا بَاعِثَةٌ أَمِينًا يُحْصِي كُلَّ مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ. فَلَمْ تَزَلِ الْهَدَايَا وَالْكَرَامَةُ وَالنِّحَلُ تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا بَجَّلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ وَفَرِحَتْ بِهِ، وَبَجَّلَتْ بِأُمِّهِ لِحُسْنِ أَثَرِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ: لَآتِيَنَّ فِرْعَوْنَ فَلْيُبَجِّلَنَّهُ وَلْيُكْرِمَنَّهُ. فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَتْهُ فِي حِجْرِهِ، فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ الْغُوَاةُ أَعْدَاءُ اللَّهِ 58/7 لِفِرْعَوْنَ: أَلَا تَرَى إِلَى مَا وَعَدَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّهُ أَنَّهُ يَرِبُكَ وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعُكَ! فَأَرْسَلَ إِلَى الذَّبَّاحِينَ لِيَذْبَحُوهُ. وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ بَعْدَ كُلِّ بَلَاءٍ ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرْبِكَ بِهِ فُتُونًا. فَجَاءَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ: مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي؟ قَالَ: تَرَيْنَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي! قَالَتْ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا تَعْرِفُ الْحَقَّ فِيهِ، ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ فَقَرِّبْهُنَّ إِلَيْهِ، فَإِنْ بَطَشَ بِاللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَاجْتَنَبَ الْجَمْرَتَيْنِ عَرَفْتَ أَنَّهُ يَعْقِلُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يَرُدَّ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ عَلِمْتَ أَنْ أَحَدًا لَا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ. فَقَرَّبَ ذَلِكَ، فَتَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يُرِدِ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، عَلِمْتَ، فَانْزَعُوهُمَا مِنْ يَدِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَحْرِقَانِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ: أَلَا تَرَى؟ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا قَدْ كَانَ هَمَّ بِهِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ. فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَكَانَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ بِظُلْمٍ وَلَا سُخْرَةٍ حَتَّى امْتَنَعُوا بِهِ كُلَّ الِامْتِنَاعِ، فَبَيْنَمَا مُوسَى فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ، أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالْآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ، فَغَضِبَ مُوسَى غَضَبًا شَدِيدًا لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَةَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحِفْظَهُ لَهُمْ، لَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَلَا إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرِّضَاعِ إِلَّا أُمَّ مُوسَى، إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ أَطْلَعَ مُوسَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ. فَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ، وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وَالْإِسْرَائِيلِيُّ، فَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ثُمَّ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الْأَخْبَارَ، فَأُتِيَ فِرْعَوْنُ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَلَا تُرَخِّصْ لَهُمْ، فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مَعَ قَوْمٍ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمْ أَنْ يُقَيِّدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا تَثَبُّتٍ، فَاطْلُبُوا لِي عِلْمَ ذَلِكَ آخُذْ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ. فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لَا يَجِدُونَ ثَبْتًا إِذَا مُوسَى قَدْ رَأَى مِنَ الْغَدِ ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ آخَرَ، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ، فَصَادَفَ مُوسَى قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ وَكَانَ مِنْهُ فَكَرِهَ الَّذِي رَأَى 59/7 لِغَضَبِ الْإِسْرَائِيلِيِّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ، فَقَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ وَمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ، وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ، فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ فَحَاجَّ لِلْفِرْعَوْنِيِّ وَقَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ، وَتَنَازَعَا وَتَطَاوَعَا، وَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حَيْثُ يَقُولُ: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى، فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ يَمْشُونَ عَلَى هَيْئَتِهِمْ، يَطْلُبُونَ لِمُوسَى، وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، اخْتَصَرَ طَرِيقًا قَرِيبًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ. فَخَرَجَ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ، لَمْ يَلْقَ بَلَاءً قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ بِالطَّرِيقِ عِلْمٌ إِلَّا حُسْنَ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ قَالَ: عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ يَعْنِي بِذَلِكَ حَابِسَتَيْنِ غَنَمَهُمَا فَقَالَ لَهُمَا: مَا خَطْبُكُمَا مُعْتَزِلَتَيْنِ لَا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ قَالَتَا: لَيْسَ بِنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ الْقَوْمَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حِيَاضِهِمْ. فَسَقَى لَهُمَا، فَجَعَلَ يَغْرِفُ مِنَ الدَّلْوِ مَاءً كَثِيرًا حَتَّى كَانَ أَوَّلَ الرِّعَاءِ فَرَاغًا. فَانْصَرَفَتَا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا، وَانْصَرَفَ مُوسَى فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، فَاسْتَنْكَرَ سُرْعَةَ صُدُورِهِمَا بِغَنَمِهِمَا حَفْلًا بِطَانًا فَقَالَ: إِنَّ لَكُمَا الْيَوْمَ لَشَأْنًا. فَأَخْبَرَتَاهُ بِمَا صَنَعَ مُوسَى، فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا تَدْعُوهُ لَهُ، فَأَتَتْ مُوسَى فَدَعَتْهُ. فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ: لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلَا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ. قَالَ: فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ. قَالَ: فَاحْتَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الدَّلْوِ حِينَ سَقَى لَنَا لَمْ أَرَ رَجُلًا أَقْوَى فِي ذَلِكَ السَّقْيِ مِنْهُ، وَأَمَّا أَمَانَتُهُ فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينَ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخَصْتُ لَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ صَوَّبَ 60/7 رَأْسَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ حَتَّى بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ، ثُمَّ قَالَ: امْشِي خَلْفِي وَابْغِينِي الطَّرِيقَ، فَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا وَهُوَ أَمِينٌ. فَسُرِّيَ عَنْ أَبِيهَا فَصَدَّقَهَا فَظَنَّ بِهِ الَّذِي قَالَتْ. فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَفَعَلَ، فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم ثَمَانِ سِنِينَ وَاجِبَةً، وَكَانَتْ سَنَتَانِ عِدَةً مِنْهُ. فَقَضَى اللَّهُ عِدَتَهُ فَأَتَمَّهَا عَشْرًا. قَالَ سَعِيدٌ: فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ لَا أَدْرِي فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَانِيًا كَانَتْ عَلَى مُوسَى وَاجِبَةً، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللَّهِ لِيَنْقُصَ مِنْهَا شَيْئًا، وَتَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَاضٍ عَنْ مُوسَى عِدَتَهُ الَّذِي وَعَدَ، فَإِنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ. فَلَقِيتُ النَّصْرَانِيَّ فَأَخْبَرْتُهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: الَّذِي سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ وَأَوْلَى. فَلَمَّا سَارَ مُوسَى بِأَهْلِهِ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّارِ وَالْعَصَا وَيَدِهِ مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ. فَشَكَا إِلَى رَبِّهِ تبارك وتعالى مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فِي الْقَتْلِ وَعُقْدَةَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُقْدَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعِينَهُ بِأَخِيهِ هَارُونَ لِيَكُونَ لَهُ رِدْءًا وَيَتَكَلَّمَ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَا يَفْصَحُ بِهِ لِسَانُهُ. فَآتَاهُ اللَّهُ سُؤْلَهُ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَا يُفْصِحُ بِهِ لِسَانُهُ وَحَلَّ عُقْدَةَ لِسَانِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَارُونَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْقَاهُ، فَانْدَفَعَ مُوسَى بِعَصَاهُ حَتَّى لَقِيَ هَارُونَ، فَانْطَلَقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْنَ، فَأَقَامَا عَلَى بَابِهِ حِينًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمَا، ثُمَّ أُذِنَ لَهُمَا بَعْدَ حِجَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَا: إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَقَالَ: مَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى؟ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ: فَمَا تُرِيدُ؟ وَذَكَّرَهُ الْقَتِيلَ فَاعْتَذَرَ بِمَا قَدْ سَمِعْتَ، وَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ: ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ. فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا، فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ،61/7 وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الْأَوَّلِ. فَاسْتَشَارَ الْمَلَأَ حَوْلَهُ فِيمَا رَأَى فَقَالُوا لَهُ: إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى يَعْنِي مُلْكَهُمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَالْعَيْشَ فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِمَّا طَلَبَ وَقَالُوا لَهُ: اجْمَعْ لَنَا السَّحَرَةَ، فَإِنَّهُمْ بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ حَتَّى يَغْلِبَ سِحْرُهُمْ سِحْرَهُمَا، فَأَرْسَلَ فِي الْمَدِينَةِ، فَحُشِرَ لَهُ كُلُّ سَاحِرٍ مُتَعَالِمٍ. فَلَمَّا أَتَوْا فِرْعَوْنَ قَالُوا: بِمَ يَعْمَلُ هَذَا السَّاحِرُ؟ قَالُوا: بِالْحَيَّاتِ. قَالُوا: فَلَا وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ يَعْمَلُ السِّحْرَ بِالْحَيَّاتِ وَالْعِصِيِّ الَّتِي نَعْمَلُ، فَمَا أَجْرُنَا إِنْ نَحْنُ غَلَبْنَا؟ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ أَقَارِبِي وَخَاصَّتِي، وَأَنَا صَانِعٌ إِلَيْكُمْ كُلَّمَا أَحْبَبْتُمْ. فَتَوَاعَدُوا يَوْمَ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضَحًى.
قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ يَوْمَ الزِّينَةِ الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَالسَّحَرَةِ، وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ قَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا فَلْنَحْضُرْ هَذَا الْأَمْرَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ اسْتِهْزَاءً بِهِمَا. فَقَالُوا: يَا مُوسَى لِقُدْرَتِهِمْ بِسِحْرِهِمْ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ قَالَ: بَلْ أَلْقُوا فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعَزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ فَرَأَى مُوسَى مِنْ سِحْرِهِمْ مَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً، فَأَوْحَى اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهِ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَتْ ثُعْبَانًا عَظِيمًا فَاغِرَةً فَاهَا، فَجَعَلَتِ الْعَصَا بِدَعْوَةِ مُوسَى تَلْبَسُ الْحِبَالَ حَتَّى صَارَتْ جُدُرًا إِلَى الثُّعْبَانِ يَدْخُلُ فِيهِ حَتَّى مَا أَبْقَتْ عَصًا وَلَا حَبْلًا إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ. فَلَمَّا عَرَفَ السَّحَرَةُ ذَلِكَ قَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا لَمْ تَبْتَلِعْ مِنْ سِحْرِنَا هَذَا، وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تبارك وتعالى آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، وَنَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ. وَكَسَرَ اللَّهُ ظَهْرَ فِرْعَوْنَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَأَشْيَاعِهِ وَأَظْهَرَ الْحَقَّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بَارِزَةٌ مُبْتَذِلَةٌ تَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى بِالنَّصْرِ لِمُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَمَنْ رَآهَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ظَنَّ أَنَّهَا ابْتُذِلَتْ لِلشَّفَقَةِ عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ حُزْنُهَا وَهَمُّهَا لِمُوسَى. فَلَمَّا طَالَ مُكْثُ مُوسَى لِمَوَاعِيدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ جَاءَهُ 62/7 بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا مَضَتْ أَخْلَفَ مَوَاعِيدَهُ وَقَالَ: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا؟ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ. كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى وَيَطْلُبُ إِلَى مُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ وَيُوَاثِقُهُ أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا كَفَّهَا عَنْهُ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَنَكَثَ عَهْدَهُ، حَتَّى أُمِرَ مُوسَى بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَتْبَعُهُمْ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْبَحْرِ أَنْ إِذَا ضَرَبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرِقَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ الْتَقِ عَلَى مَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ، فَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِالْعَصَا، فَانْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ وَلَهُ قَصِيفٌ مَخَافَةَ أَنْ يَضْرِبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ وَهُوَ غَافِلٌ فَيَصِيرَ عَاصِيًا، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ وَتَقَارَبَا قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ افْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ فَإِنَّكَ لَنْ تَكْذِبَ وَلَنْ تُكَذَّبَ، فَقَالَ: وَعَدَنِي إِذَا أَتَيْتُ الْبَحْرَ يَفْرُقُ لِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى أُجَاوِزَ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَصَا فَضَرَبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَانْفَرَقَ لَهُ حَتَّى دَنَا أَوَائِلُ جُنْدِ فِرْعَوْنَ مِنْ أَوَّلِ جُنْدِ مُوسَى، فَانْفَرَقَ الْبَحْرُ كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ وَكَمَا وَعَدَ مُوسَى. فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ، وَدَخَلَ فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمُ الْتَقَى عَلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى الْبَحْرَ قَالُوا: إِنَّا نَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ فِرْعَوْنُ غَرِقَ فَلَا نُؤْمِنُ بِهَلَاكِهِ. فَدَعَا رَبَّهُ فَأَخْرَجَهُ لَهُ بِيَدَيْهِ حَتَّى اسْتَيْقَنُوا بِهَلَاكِهِ. ثُمَّ مَرُّوا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَدْ رَأَيْتُمْ مِنَ الْغَيْرِ وَسَمِعْتُمْ مَا يَكْفِيكُمْ، وَمَضَى، فَأَنْزَلَهُمْ مُوسَى مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَطِيعُوا هَارُونَ، فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي، وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا أَتَى رَبَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي ثَلَاثِينَ وَقَدْ صَامَهُنَّ لَيْلَهُنَّ وَنَهَارَهُنَّ، كَرِهَ أَنْ يُكَلِّمَ رَبَّهُ وَيَخْرُجَ مِنْ فَمِهِ رِيحُ فَمِ الصَّائِمِ، فَتَنَاوَلَ مُوسَى شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَمَضَغَهُ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَ أَتَاهُ: أَفْطَرْتَ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالَّذِي كَانَ قَالَ: رَبِّ كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا وَفَمِي طَيِّبُ الرِّيحِ. قَالَ: أَوَمَا عَلِمْتَ يَا مُوسَى أَنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ 63/7 الْمِسْكِ؟ ارْجِعْ حَتَّى تَصُومَ عَشْرًا ثُمَّ ائْتِنِي. فَفَعَلَ مُوسَى مَا أُمِرَ. فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ لِلْأَجَلِ قَالَ: بَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ وَكَانَ هَارُونُ قَدْ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: إِنَّكُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ، وَلِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عَوَارٍ وَوَدَائِعُ، وَلَكُمْ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَا أَرَى أَنْ تَحْبِسُوا مَالَكُمْ عِنْدَهُمْ، وَلَا أُحِلُّ لَكُمْ وَدِيعَةً وَلَا عَارِيَةً، وَلَسْنَا بِرَادِّينَ إِلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُمْسِكِينَ لِأَنْفُسِنَا. فَحَفَرَ حَفِيرًا وَأَمَرَ كُلَّ قَوْمٍ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَنْ يَقْذِفُوهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ، ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَحْرَقَهُ، فَقَالَ: لَا يَكُونُ لَنَا وَلَا لَهُمْ. وَكَانَ السَّامِرِيُّ رَجُلًا مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ جِيرَانٍ لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَاحْتَمَلَ مَعَ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ احْتَمَلُوا، فَقَضَى لَهُ أَنْ رَأَى أَثَرًا فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْضَةً، فَمَرَّ بِهَارُونَ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ: يَا سَامِرِيُّ أَلَا تُلْقِي مَا فِي يَدِكَ؟ وَهُوَ قَابِضٌ عَلَيْهِ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ طُوَالَ ذَلِكَ. قَالَ: هَذِهِ قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاوَزَ بِكُمُ الْبَحْرَ، فَمَا أُلْقِيهَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ إِذَا أَلْقَيْتُهَا أَنْ يَكُونَ مَا أُرِيدُ. فَأَلْقَاهَا وَدَعَا لَهُ هَارُونُ وَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عِجْلًا فَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ فَصَارَ عِجْلًا أَجْوَفَ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ لَهُ خُوَارٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا وَاللَّهِ، مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ، إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ فَتَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ. فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَا سَامِرِيُّ مَا هَذَا، فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ؟ قَالَ: هَذَا رَبُّكُمْ، وَلَكِنَّ مُوسَى أَضَلَّ الطَّرِيقَ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا نُكَذِّبُ بِهَذَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى، فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا لَمْ نَكُنْ ضَيَّعْنَاهُ وَعَجَزْنَا فِيهِ حِينَ رَأَيْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ بِرَبِّنَا وَلَا نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُصَدِّقُ. وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ فِي قُلُوبِهِمُ التَّصْدِيقَ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ وَأَعْلَنُوا التَّكْذِيبَ بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّنَا الرَّحْمَنُ لَيْسَ هَكَذَا. قَالُوا: فَمَا بَالُ مُوسَى وَعَدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا؟ فَهَذِهِ الْأَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ. فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: أَخْطَأَ رَبَّهُ فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَبْتَغِيهِ. فَلَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ 64/7 أَسِفًا فَقَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ، ثُمَّ إِنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ لَهَا وَعَمِيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا، وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ يَخْلُصْ إِلَى ذَلِكَ مِنَّا، فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأْيِ هَارُونَ وَقَالُوا جَمَاعَتُهُمْ لِمُوسَى: سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا وَيُكَفِّرَ لَنَا مَا عَمِلْنَا. فَاخْتَارَ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِذَلِكَ لِإِتْيَانِ الْجَبَلِ مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ. فَانْطَلَقَ بِهِمْ لِيَسْأَلَ لَهُمُ التَّوْبَةَ، فَرَجَعَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ، فَاسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ مِنْ قَوْمِهِ وَوَفْدِهِ حِينَ فَعَلَ بِهِمْ مَا فَعَلَ قَالَ: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللَّهُ اطَّلَعَ عَلَى مَا أُشْرِبَ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ وَإِيمَانًا بِهِ، فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَقَالَ: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَقَالَ: رَبِّ سَأَلْتُكَ التَّوْبَةَ فَقُلْتَ: إِنَّ رَحْمَتَكَ كَتَبْتَهَا لِقَوْمٍ غَيْرِ قَوْمِي، فَلَيْتَكَ أَخَّرْتَنِي حَتَّى تُخْرِجَنِي حَيًّا فِي أُمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْحُومَةِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ: إِنَّ تَوْبَتَهُمْ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ، فَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ لَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ. وَيَأْبَى أُولَئِكَ الَّذِينَ خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ مَا اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَغَفَرَ اللَّهُ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ. ثُمَّ سَارَ بِهِمْ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَخَذَ الْأَلْوَاحَ بَعْدَمَا سَكَنَ عَنْهُ الْغَضَبُ، وَأَمَرَهُمْ بِالَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ، فَثَقُلَ وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا، فَنَتَقَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ، وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، فَأَخَذُوا الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ وَهُمْ مُصْغُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَالْأَرْضِ، وَالْكِتَابُ بِأَيْدِيهِمْ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوُا الْأَرْضَ 65/7 الْمُقَدَّسَةَ، فَوَجَدُوا فِيهَا مَدِينَةً فِيهَا قَوْمٌ جَبَّارُونَ، خَلْقُهُمْ خَلْقٌ مُنْكَرٌ، وَذَكَرَ مِنْ ثِمَارِهِمْ أَمْرًا عَجِيبًا، فَقَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ وَلَا نَدْخُلُهَا مَا دَامُوا فِيهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ، قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا مِنَ الْجَبَّارِينَ: آمَنَّا بِمُوسَى، فَخَرَجَا إِلَيْهِ، فَقَالَا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِقَوْمِنَا، إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تَخَافُونَ مِنْ أَجْسَامِهِمْ وَعِدَّتِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا قُلُوبَ لَهُمْ وَلَا مَنَعَةَ عَلَيْهِمْ، فَادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ. وَيَقُولُ نَاسٌ: إِنَّهُمَا مِنْ قَوْمِ مُوسَى، وَزَعَمَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا مِنَ الْجَبَابِرَةِ آمَنَا بِمُوسَى، يَقُولُ: مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ إِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ الَّذِينَ يَخَافُهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، قَالُوا: يَا مُوسَى، اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ. فَأَغْضَبُوا مُوسَى، فَدَعَا عَلَيْهِمْ وَسَمَّاهُمْ: فَاسِقِينَ، وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، لَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَإِسَاءَتَهُمْ حَتَّى كَانَ يَوْمَئِذٍ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِمْ، وَسَمَّاهُمْ فَاسِقِينَ، وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ، يُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ، ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لَا تَبْلَى وَلَا تَنْسُجُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا، وَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلَاثُ أَعْيُنٍ، وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهَا، لَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ فِيهِمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي بِالْأَمْسِ».
رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَدَّقَ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفِرْعَوْنِيُّ أَفْشَى عَلَى مُوسَى أَمْرَ الْقَتِيلِ الَّذِي قُتِلَ، فَكَيْفَ يُفْشِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ وَلَا ظَهَرَ عَلَيْهِ إِلَّا الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي حَضَرَ ذَلِكَ وَشَهِدَهُ؟ فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَخَذَ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، هَلْ تَذْكُرُ يَوْمَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتِيلِ مُوسَى الَّذِي قَتَلَهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي أَفْشَى عَلَيْهِ أَمِ الْفِرْعَوْنِيُّ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا أَفْشَى عَلَيْهِ الْفِرْعَوْنِيُّ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي شَهِدَ ذَلِكَ وَحَضَرَهُ.
قال الهيثميُّ : رواه أبو يعلى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَصْبَغَ بْنِ زَيْدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ وَهُمَا ثِقَتَانِ.66/7
قوله تعالى: {له خوار}، [طه: 88]
23475 / 11166/3680– عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهما قَالَ: “كَانَ أَيِ الْعِجْلُ إِذَا خَارَ سَجَدُوا، وَإِذَا سَكَتَ رَفَعُوا رؤوسهم”.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3680) لأحمد بن منيع. وهو في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/ 245).
قوله تعالى: {أَلَّا يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}، [طه: 89]
23476 / 11166/3681– عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {خُوَارٌ} [الأعراف: 148] قَالَ: خَارَ خَوْرَةً، لَمْ يُبِنْ أَلَمْ تَرَ أن الله عز وجل قَالَ: {ألا يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}، وَقَالَ جل وعلا: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا}.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3681) لأحمد بن منيع. وهو في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/
قوله تعالى: {فقبضت قبضة من أثر الرسول} [96]
23477 / ز – عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ” لَمَّا تَعَجَّلَ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ عَمَدَ السَّامِرِيُّ فَجَمَعَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُلِيِّ، حُلِيِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَضَرَبَهُ عِجْلًا، ثُمَّ أَلْقَى الْقَبْضَةَ فِي جَوْفِهِ، فَإِذَا هُوَ عِجْلٌ لَهُ خُوَارٌ فَقَالَ لَهُمُ السَّامِرِيُّ: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدُكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا. فَلَمَّا أَنْ رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَدْ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ مَا قَالَ فَقَالَ مُوسَى لِلسَّامِرِيِّ مَا خَطْبُكَ؟ قَالَ السَّامِرِيُّ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي. قَالَ: فَعَمَدَ مُوسَى إِلَى الْعِجْلِ فَوَضَعَ عَلَيْهِ الْمَبَارِدَ فَبَرَدَهُ بِهَا وَهُوَ عَلَى شِفِّ نَهَرٍ، فَمَا شَرِبَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ مِمَّنْ كَانَ يَعْبُدُ ذَلِكَ الْعِجْلَ إِلَّا اصْفَرَّ وَجْهُهُ مِثْلَ الذَّهَبِ، فَقَالُوا لِمُوسَى: مَا تَوْبَتُنَا؟ قَالَ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. فَأَخَذُوا السَّكَاكِينَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقْتُلُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَلَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى مُرْهُمْ فَلْيَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لِمَنْ قُتِلَ وَتُبْتُ عَلَى مَنْ بَقِيَ.
أخرجه الحاكم في المستدرك (3486).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [طه: 115].
23478 / 11167 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا سُمِّيَ إِنْسَانًا لِأَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ.
قال الهيثميُّ: رواهُ الطبرانيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123].
23479 / 11168 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنِ اتَّبَعَ كِتَابَ اللَّهِ هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَوَقَاهُ سُوءَ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ يَقُولُ: {مَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]»”.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو شَيْبَةَ وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي عِمْرَانُ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ. لكن الحديث في المستدرك (3438).
23480 / 11169 – وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124].
23481 / 11170 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] قَالَ: “الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى أَنَّهُ يُسَلِّطُ عَلَيْهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ حَيَّةً يَنْهَشُونَ لَحْمَهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»”.
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ. وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (4610) لابي يعلى. الذي في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (2/ 491) من حديث ابي هريرة: ثُمَّ عَادَ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ- قَالَ: وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فلا يوجد له شيء ويؤتى عن يمينه فلا يوجد له شيء ويؤتى عن يساره فلا يوجد له شيء ويؤتى من قبل رجليه فلا يوجد له شيء فيقال لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ خَائِفًا مَرْعُوبًا، فَيُقَالُ لَهُ: أخبرنا عن هذا الرجل الذي كان فيكم مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُ كَمَا قَالُوا. فَيُقَالُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا وما أعد الله لك فيها. فيزداد حسرة وثبورًا، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ له: ذاك مَقْعَدُكَ مِنْهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ أَطَعْتَهُ. فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ وَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ- تَعَالَى-: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} “. رواه أحمد بن منيع، ورجاله ثقات، وابن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِنَحْوِهِ. وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَلَفْظُهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا قُبِرَ أَحَدُكُمْ – أَوْ قُبِرَ الْإِنْسَانُ- أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَالْآخَرُ: النَّكِيرُ، فَيُجْلِسَانِهِ ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ – يَعْنِيَانِ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَهُوَ قَائِلٌ لَهُمَا مَا كَانَ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ: ثُمَّ يأمران الأرض فتنفسح لَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَيَقُولَانِ لَهُ: نَمْ. فَيَقُولُ: دَعُونِي أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ. فَيَقُولَانِ لَهُ: نَمْ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَكُنْتُ أَقُولُهُ. فَيَقُولَانِ لَهُ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ. ثُمَّ يَأْمُرَانِ الْأَرْضَ فَتَنْضَمُّ عَلَيْهِ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ. قَالَ: فَلَا يَزَالُ مَرْعُوبًا إلى يوم القيامة. نعم، في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (2/ 519): وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “الْمُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ فِي رَوْضَةٍ، وَيُرْحَبُ لَهُ قَبْرُهُ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُنَوِّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الاَية: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ونحشره يوم القيامة أعمى} أتدرون ما المعيشة الضنك؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: عَذَابُ الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيُسَلَّطُ عَلَيْهِمْ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا، أَتَدْرُونَ مَا التِّنِّينُ؟ قَالَ: تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ حَيَّةً لِكُلِّ حَيَّةٍ سَبَعَةُ (أرؤس) يَنْفُخُونَ فِي جِسْمِهِ وَيَلْسَعُونَهُ وَيَخْدِشُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ”. رواه أبو يعلى الْمَوْصِلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
23482 / 11171 – وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا قَالَ: عَذَابُ الْقَبْرِ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
23483 / 11171/3677– عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ الله عَنْه، قَالَ: إِنَّ الْمَعِيشَةَ الضَّنْكَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تعالى هِيَ عَذَابُ الْقَبْرِ.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3677) لمسدد. قالرفي إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (2/ 515): رَوَاهُ مُسَدَّدٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. انتهى. والحديث في المستدرك (3439).
23484 / 11171/3678– وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْه، فَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3678) لأبي يعلى. وقد سبق. والحديث اخرجه ابن حبان (3119) والحاكم (1405).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130].
23485 / 11172 – عَنْ جَرِيرٍ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] قَالَ: “قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ: الصُّبْحُ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا: صَلَاةُ الْعَصْرِ»”.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ}، [طه: 131]
23486 / 11172/3682– عَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ: نَزَلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفٌ، فَبَعَثَنِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَهُودِيٍّ فَقَالَ: قُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ: بِعْنَا أَوْ أَسْلِفْنَا إِلَى رَجَبٍ. فَقُلْتُ لَهُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَبِيعُهُ وَلَا أُسْلِفُهُ إِلَّا بِرَهْنٍ. فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَوْ بَاعَنِي أَوْ أَسْلَفَنِي لَقَضَيْتُهُ. إِنِّي لأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ. أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ. اذْهَبْ بِدِرْعِي الْحَدِيدِ. فَذَهَبْتُ بِهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَعْزِيَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ}.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3682) لأبي بكر.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} [طه: 132].
23487 / 11173 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ الصَّيْفُ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ قَرَأَ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» الْآيَةَ.
قال الهيثميُّ: رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.