وتقدم ذكرهم في صفة أهل النار، ومن يخرج منها
37410 / 7975 – (خ م س ه – أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ) قال: إن ناساً في زمن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية: قال قلنا – يا رسولَ الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نعم، فهل تضارُّون في رؤية الشمس بالظهيرة صَحْواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارُّونَ في رؤية القمر ليلة البدر صَحواً ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا، يا رسولَ الله، قال: فما تضارُّون في رؤية الله تعالى يوم القيامة إلا كما تضارُّون في رؤية أحدهما، إذا كان يومُ القيامة أذَّن مؤذِّن: لِتَتَّبعْ كلُّ أُمَّة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبُدُ غير الله – من الأصنام والأنصاب – إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبقَ إلا من كان يعبد الله مِنْ بَرٍّ وفاجر، وغُبَّرِ أهل الكتاب، فيُدَعى اليهودُ، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عُزَيراً ابنَ الله، فيقال: كذبتم، ما اتخذَ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطِشْنا يا ربَّنا فاسْقِنا، فيشار إليهم: ألا ترِدُونَ؟ فيُحْشَرون إلى النار كأنها سراب يحْطِم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النَّار، ثم يُدعى النَّصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتَّخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ فيقولون: عَطِشْنا يا ربَّنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا ترِدُونَ؟ فيُحْشَرون إلى جهنَّم كأنَّها سرَاب يحطِم بعضُها بعضاً، فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من برٍّ وفاجر، أتاهم الله في أدنى صورة من التي رَأوْها فيها، قال: فما تنظرون؟ تَتْبَعُ كلُّ أُمَّة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربَّنا، فارقْنا الناس في الدنيا أفقرَ ما كُنَّا إليهم، ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نُشرك بالله شيئاً – مرتين أو ثلاثاً – حتى إنَّ بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فَيُكشَفُ عن ساق، فلا يبقى من كان يسجدُ لله من تلقاء نفسه إلا أذِن الله لهُ بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد الله اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجدَ خرَّ على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحوَّل في صورته التي رأوه فيها أولَ مرة، فقال: أنا ربكُم، فيقولون: أنتَ ربُّنا، ثم يُضْرَبُ الجِسْرُ على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سَلمْ سلمْ، قيل: يا رسولَ الله، وما الجِسْرُ؟ قال: دَحضٌ مَزِلَّة، فيه خطاطيف وكلاليبُ وحَسَكة تكون بِنَجد، فيها شُوَيْكة، يقال لها: السعدان، فيمرُّ المؤمنون كطرف العين، وكالبرق والريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناجٍ مسلَّم ومخدوش مُرْسَل، ومَكْدوس في نار جهنم، حتى إذا خَلَصَ المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده، ما من أحد منكم بأشدَّ مناشدةً لله في استيفاء الحق من المؤمنين يوم القيامة لإخوانهم الذين في النَّار – وفي رواية: فما أنتم بأشد مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمنين يومئذ للجبار، إذا رأَوّا أنَّهم قد نجوا في إخوانهم – فيقولون: ربَّنا كانوا يصومون معنا، ويصلُّون ويحجُّون، فيقال لهم: أخرجوا من عَرَفتم، فتحرم صورُهم على النّار، فيخرِجون خلقاً كثيراً قد أخذت النارُ إلى نصف ساقه، وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربّنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيُخرِجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربَّنا، لم نَذَرْ فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيُخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربَّنا لم نَذَر فيها ممن أمرتنا أحداً، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ ذرَّة من خيْر فأَخرجوه، فَيخْرِجونَ خلقاً كثيراً، ثم يقولون: رَبَّنا لم نَذَرْ فيها خيراً – وكان أبو سعيد يقول: إن لم تُصدِّقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم {إنَّ الله لا يَظْلِمُ مِثْقال ذرَّة وإن تَكُ حسنةً يُضَاعِفْهَا ويُؤتِ من لَدُنْهُ أجراً عظيماً} النساء: 40- فيقول الله عز وجل: شفعَتِ الملائكة، وشفعَ النبيون، وشفعَ المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبضُ قبضة من النار، فيُخرج منها قوماً لم يعْمَلُوا خيراً قط، قد عادوا حُمماً، فيلقيهم الله في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرجُ الحبَّةُ في حميل السَّيل، ألا ترَونها تكون إلى الحجَر أو إلى الشجر، ما يكون إلى الشمس أُصَيْفِرُ وأُخَيْضرُ، وما يكون منها إلى الظل، يكون أبيضَ؟ فقالوا: يا رسولَ الله، كأنك كنتَ ترعى بالبادية، قال: فيخرجون كاللؤلؤ، في رقابهم الخواتيم، يعرفهم أهلُ الجنة، هؤلاء عُتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عمِلوه، ولا خير قدَّمُوه، ثم يقول: ادخلوا الجنة، فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربَّنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين، فيقول: «لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: يا ربَّنا أيُّ شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رِضايَ، فلا أسخطُ عليكم بعده أبداً» .
37411 / 8019 – (م) يزيد بن صهيب الفقير قال: «كنتُ قد شَغَفَني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عِصابة ذوي عدد – نريد أن نحج – ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله جالسٌ إلى سارية يحدِّثُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو قد ذكر الجهنَّمِيِّين، فقلت: يا صاحب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الذي تحدِّثوننا؟ والله يقول: {ربَّنا إنَّك مَنْ تُدْخِلِ النارَ فقد أخزيتَه} آل عمران: 192 و {كُلَّمَا أَرادوا أن يَخْرُجوا منها أُعِيدُوا فيها} السجدة: 20 فما هذا الذي تقولون؟ قال: أتقرأ القرآن؟ قلتُ: نعم، قال: فاقرأ ما قبله، إنه في الكفار، ثم قال: فهل سمعتَ بمقام محمد الذي يبعثه الله فيه؟ قلت: نعم، قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يُخرِج الله به مَن يُخرِج، قال: ثم نَعَت وَضْعَ الصراط، ومرَّ الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكونَ أحفظ ذاك، قال: غيرَ أنه قد زعم أن قوماً يَخْرُجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال – يعني – فيخرجون كأنهم عِيدانُ السَّماسِم، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنهم القراطيسُ، فرجعنا، قلنا: ويحكم أترون هذا الشيخ يكذب على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فرجعنا، فلا والله ما خرج غيرُ رجلٍ واحد – أو كما قال» أخرجه مسلم، إلا قوله: «فاقرأ ما قبله إنه في الكفار». فإنه فيما ذكره رزين.
37412 / 8020 – (م) أبو الزبير رضي الله عنه سمع جابراً يُسأَل عن الورود؟ فقال: «نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا، انظُرْ – أي ذلك فوق الناس – قال: فتُدعى الأُمم بأوثانها وما كانت تعبد: الأولُ فالأولُ، ثم يأتينا رَبُّنا بعد ذلك، فيقول: من تنظرون؟ فنقول: ننظر ربَّنا، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلَّى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم، ويتَّبعونه، ويُعطَى كلُّ إنسان منهم – منافق أو مؤمن – نوراً، ثم يتَّبعونه، وعلى جِسْرِ جهنم كلاليبُ وحَسَك، تأخذ من شاء الله، ثم يُطفَأُ نورُ المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة، وجوهُهم كالقمر ليلةَ البدر، سبعون ألفاً، لا يُحاسَبُونَ، ثم الذين يَلُونَهم كأضوإ نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحلُّ الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يَزِن شعيرة، فيُجعلون بفناء الجنة، ويجْعل أهل الجنة يَرُشُّون عليهم الماء، حتى ينبُتوا نبات الشيء في السَّيل، ويذْهَبُ حُرَاقُهُ، ثم يسألُ حتى تُجعَلَ له الدنيا وعشرةُ أمثالها معها». أخرجه مسلم.
37413 / 8112 – (م ه – أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ) قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «أمَّا أهلُ النارِ الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيَون، ولكن ناس أصابتهم النارُ بذنوبهم – أو قال: بخطاياهم – فأماتتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحْماً أُذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائرَ ضبائرَ فبُثُّوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبَّةِ في حميل السيل، فقال رجل مِنَ القوْم: كأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد كان بالبادية» . أخرجه مسلم وابن ماجه.
37414 / 8113 – (ت) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يُعذَّبُ ناس مِنْ أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حُمَماً، ثم تُدركهم الرحمة، فيُخْرَجون، فيُطْرَحُون على أبواب الجنة، قال: فيَرُشُّ عليهم أهلُ الجنة الماء، فيَنْبُتون كما ينْبُتُ الغُثاءُ في حمَالةَ السيّل، ثم يدخلون الجنة». أخرجه الترمذي.
37415 / 8114 – (م) جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «إن قوماً يخرَجون من النار يحترقون فيها، إلا داراتِ وجوههم، حتى يدخلون الجنة». أخرجه مسلم.
37416 / 8115 – (خ) أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يخْلُصُ المؤمنون من النار، فيُحبَسُون على قنطرة بين الجنة والنار، فَيُقْتَصُّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونقُّوا، أُذنَ لهم في دخول الجنة، فوالذي نفسُ محمد بيده لأحدُهمْ أهْدَى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا». أخرجه البخاري.
37417 / 8116 – (خ م) أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يدخل أهلُ الجنةِ الجنَّةَ، وأهلُ النارِ النّارَ ثم يقول: انظروا مَنْ وجدتم في قلبه مثقالَ حبَّة من خرْدَل من إيمان فأخرِجُوه، فيُخْرَجون منها حُمَماً قد امتُحِشُوا فيُلقَوْن في نهر الحياة – أو الحيا – فيَنبُتُونَ فيها كما تنبتُ الحبَّةُ إلى جانب السَّيْل، ألم ترَوْها كيف تخرُج صفراءَ ملتوية». هذا لفظ مسلم، وعند البخاري «فيُخرَجون منها قد اسودُّوا» وقال: «من خردلٍ من خير».
نوع ثالث
37418 / 8117 – (خ م) جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «يَخْرُجُ من النار قوْم بالشفاعة، كأنهم الثَّعاريرُ، قلنا: ما الثَّعاريرُ؟ قال: الضغابيس». وفي رواية: «إن الله يُخْرِجُ ناساً من النار فيدخلهم الجنةَ»، وفي أخرى: «إن الله يُخْرِجُ قوماً من النار بالشفاعة». أخرجه البخاري ومسلم.
37419 / 8118 – (خ د ت ه – عمران بن حصين رضي الله عنه ) أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يخرُجُ قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيدخلون الجنةَ يُسمَّون الجَهَنَّميِّين». أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي. وأخرجه ابن ماجه دون قوله ( فيدخلون الجنة ).
37420 / 8119 – (خ) أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخرُجُ من النار قوم بعدما مسَّتهم منها سَفْعٌ، فيدخلون الجنة، فيُسمِّيهم أهلُ الجنةِ: الجهنميِّين». أخرجه البخاري.
نوع رابع
37421 / 8120 – (خ) أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخرُجُ من النَّار أربعة، فيُعْرَضون على الله عز وجل، فيلتَفِتُ أحدُهم فيقول: أي ربِّ، إذ أخرجتني منها فلا تُعدْني فيها، فينجيه الله منها». أخرجه مسلم.
37422 / 8121 – (ت) أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ رجلين مِمَّن يدخل النارَ يشتَدُ صياحهما فيها، فيقول الله تعالى: أخرجوهما، ثم يقال لهما: لأي شيء اشتدَّ صياحكما؟ فيقولان: فعلنا ذلك لترحَمَنا، فيقول: إن رحمتي لكما: أن تنطلقا فتُلقْيا أنفسَكما في النار حيث كنتما، فينطلقان، فيلقي أحدُهما نفسه في النار، فيجعلها الله عليه برداً وسلاماً، ويقوم الآخَر، فلا يُلقي نفسه، فيقول له الربُّ تبارك وتعالى: «ما مَنَعَك أن تُلقي نَفْسَكَ كما ألقى صاحِبُك نفسه؟ فيقول: ربِّ، إني لأرجو أن لا تعيدَني فيها بعدَ أنْ أخرجتني منها، فيقول الربُّ تبارك وتعالى: لك رجاؤك، فيدخلان معاً الجنة برحمة الله». أخرجه الترمذي.
نوع خامس
37423 / 8122 – (خ م ت ه – عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ) قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «إنِّي لأعْلَمُ آخرَ أهلِ النار خرُوجاً منها، وآخرَ أهل الجنة دخولاً الجنة: رجل يخرجُ من النار حبواً، فيقول الله له: اذهبْ فادْخُل الجنة، فيأتيها، فيخيَّل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا ربِّ، وجدتُها ملأى، فيقول الله عزَّ وجل: اذهبْ فادخل الجنةَ، قال: فيأتيها، فيُخيَّل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا ربِّ وجدتُها ملأى، فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثلَ الدنيا، وعشرة أَمثالها، أو إنَّ لك مثلَ عشرةَ أمثال الدنيا، فيقول: أتَسْخَرُ بي – أو أتضحك بي – وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حتى بدَتْ نواجِذُه، فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة». أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه.
37424 / 8123 – (م) عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الجنةَ رجل، فهو يمشي مرَّة، ويكبُو مرَّة، وتسْفَعُهُ النار مرة، فإذا ما جاوزها التفتَ إليها، فقال: تبارك الذي نجَّاني مِنْك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً مِنَ الأوَّلين والآخرين، فترفَعُ له شجرة، فيقول: يا ربِّ أدنني من هذه الشجرة فلأستظِلَّ بظلِّها، وأشربَ من مائها، فيقول الله عزَّ وجل: يا ابن آدمَ لعلِّي إن أعطيتُكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا، يا ربِّ ويعاهِدُهُ أن لا يسأله غيرَها، قال: وربّه عزَّ وجل يعْذِرُه، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيُدْنِيه منها، فَيَستَظِلُّ بظلها، ويشربُ من مائها، ثم تُرفَعُ له شجرة هيَ أحسن من الأُولى، فيقول: أي ربِّ، أدنِني مِن هذه لأشرب مِن مائها، وأستظِلَّ بِظلِّها، لا أسألُكَ غيرَها، فيقول: يا ابنَ آدمَ، ألم تعاهدني أنْ لا تسألَني غيرَها؟ فيقول: لعلِّي إن أدْنيتُك منها تسألني غيرَها؟ فيُعاهِدُهُ أن لا يسألَهُ غيرها، وربُّه تعالى يَعْذِرُه، لأنه يرى ما لا صْبرَ له عليه، فيدنيه منها، فيستْظِلُّ بظلِّها، ويشرب من مائها، ثم تُرفَعُ له شجرة عند باب الجنة، وهي أحسَنُ مِنَ الأُوليين، فيقول: أي ربِّ أدْنني من هذه لأستظِلَّ بظلِّها، وأشرب من مائها، لا أسألكَ غيرها، فيقول: يا ابنَ آدمَ ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى، يا ربِّ، هذه لا أسألك غيرَها – وربُّه عز وجل يعذِرُه، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع أصواتَ أهل الجنة، فيقول: أي ربِّ أدخلنيها، فيقول: يا ابنَ آدمَ، ما يَصْريني منك، أيُرْضيكَ أن أُعطِيَكَ الدنيا ومثلَها معها؟ قال: يا ربِّ، أتستهزئ مِني وأنتَ ربُّ العالمين؟ فضحكَ ابن مسعود فقال: ألا تسألوني ممَّ أضحكُ؟ فقالوا: ممَّ تَضْحكُ؟ فقال: هكذا ضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ممَّ تَضْحَكُ يا رسول الله؟ فقال: مِنْ ضحك ربِّ العالمين، حين قال: أتستهزئ مني وأنتَ ربُّ العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاءُ قادر» أخرجه مسلم.
37425 / 8124 – (م) أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أدْنى أهلِ الجنةِ منزلة: رَجُل صرَف الله وجهه عن النار قِبَلَ الجنة، ومثلَّ له شجرة ذاتَ ظِلّ، فقال: أيْ ربِّ، قرِّبني من هذه الشجرةَ لأكونَ في ظلِّها … » وساق الحديث بنحو حديث ابن مسعود، ولم يذكر: «فيقول: يا ابن آدم، ما يَصْريني منك؟ … » إلى آخر الحديث.