29904 / 2085 – (خ) عمرو بن ميمون الأودي – رحمه الله -: قال: «رأَيتُ عمرَ بن الخطاب قبلَ أنْ يُصابَ بأيامٍ بالمدينةِ وَقَفَ على حُذَيفَةَ بن اليمان، وعثمانَ بنِ حُنَيْفٍ، فقال: كيف فَعَلْتُما؟ أَتَخَافانِ أنْ تكونَا قَدْ حَمَّلتُما الأرضَ ما لا تُطيقُ؟ قالا: حَمَّلنْاهَا أَمراً هِيَ له مُطِيقَةٌ، وما فِيها كبِيرُ فَضلٍ، فقال: انظرا أنْ تكونا حمَّلْتمُا الأرضَ ما لا تُطيقُ! ، فقالا: لا، فقال عمرُ : لئِن سَلَّمَني الله تعالى لأدَعنَّ أرَامِلَ أَهلِ العِرَاقِ لا يحتَجْنَ إلى أحدٍ بعدي أَبداً، قال: فَما أتتْ عليه إِلا رَابعَةُ حتى أُصيبَ – رضي الله عنه – وقال عمرو بن ميمون: وإِني لَقَائِمٌ، ما بَيني وبينه إلا عبد الله بن عباس، غَدَاةَ أُصِيبَ، وكانَ إذا مَرَّ بَيْنَ الصفَّينِ قَام بينهما، فإذا رأى خَلَلاً قال: اسْتووا، حتى إِذا لم يَرَ فيه خَلَلاً تقدَّمَ فَكَبَّرَ، قال: وَرُبما قَرَأ سورة (يوسف) أو (النَّحْلِ) أو نحو ذلك في الرَّكعةِ الأُولى، حتى يجتمعَ الناسُ، فما هو إلا أَنْ كَبَّرَ، فسمعتُه يقول: قَتَلَني – أَو أَكَلَني – الكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطارَ العِلجُ بسَكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لا يَمُرُّ على أَحَدٍ يميناً، ولا شِمَالاً إلا طَعَنَهُ، حتى طعنَ ثَلاثَةَ عشَر رَجُلاً، فماتَ منهم تِسعةٌ –
وفي رواية: سَبْعَةٌ – فلما رأى ذلك رجلٌ من المسلمين طَرَحَ عليه بُرْنُساً، فلما ظَنَّ العِلْجُ أَنه مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وتنَاوَلَ عمرُ يَدَ عبدِ الرحمن بن عوفٍ فَقَدَّمَهُ، فَأمَّا مَنْ كَانَ يَلي عمرَ، فقد رأَى الذي رأَيتُ، وأمَّا نَواحِي المسجد، فإنهم لا يدْرونَ ما الأمْرُ؟ غيرَ أنهم قد فَقَدوا صَوتَ عمرَ، وهم يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فَصَلَّى بهم عبدُ الرحمن بنُ عَوف صَلاة خَفيفَة، فلما انْصرَفُوا، قال: يا ابنَ عبَّاس، انظر: مَنْ قَتلَني؟ قال: فَجَالَ ساعة ثم جَاءَ، فقال: غُلامُ المُغِيرَةِ بن شُعبَةَ، فقال: آلصَّنَعُ؟ قال: نعم، قال: قَاتَلَهُ الله، لقد كُنتُ أَمَرتُ به معروفاً، ثم قال: الحمد لله الذي لم يَجْعلْ مِيتَتي بيد رجل مسلمٍ، قد كنْتَ أنْتَ وأبوكَ تُحِبانِ أنْ تَكثُرَ العُلُوجُ بالمدينة – وكان العباسُ أَكثَرَهُمْ رَقيقاً – فقال ابنُ عباس: إنْ شئتَ فعلتُ – أي: إن شئتَ قَتَلْنَا- قال: كَذَبتَ، بَعدَما تَكلَّمُوا بِلِسَانِكم، وصَلَّوْا قِبْلَتَكم، وحَجُّوا حَجَّكم؟ فَاحْتُمِلَ إلى بَيتِهِ، فانطلقنا معه، قال: وكأنَّ الناسَ لم تُصِبْهُمْ مصيبةٌ قَبلَ يومِئذ، قال: فقائلٌ يقول: أَخَافُ عليه، وقَائِلٌ يقول: لا بأسَ، فَأُتيَ بنبيذٍ فشَرِبَهُ، فَخَرجَ من جَوفِهِ، ثُمَّ أُتيَ بلَبَنٍ فَشَرِبَ منه، فخرجَ من جُرْحِهِ، فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، قال: فدخلنا عليه، وجاء الناسُ يُثنونَ عليه وجاء رجلٌ شابٌ فقال: أبشِر يا أمِيرَ المؤمنين ببُشْرى اللهِ – عزَّ وجل -، قد كانَ لك من صُحبَةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وقَدَمٍ في الإسلام، ما قَد علمتَ، ثم وَلِيتَ فَعَدَلتَ، ثم شَهَادَةٌ، فقال: وَدِدتُ أَنَّ ذلك كانَ كفافاً، لا عَلَيَّ، ولا لي، فلما أَدْبَرَ الرَّجُلُ إذا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأرضَ، فقال: رُدُّوا عَليَّ الغُلامَ، فقال: يا ابْنَ أَخي، ارْفَع ثَوبَكَ فإنه أَبقى لِثَوبِكَ، وأَتقَى لربِّكَ، يا عبدَ الله انْظر ما عَليَّ من الدَّينِ، فَحَسَبُوهُ فَوجدوه سِتَّة وثمانينَ أَلفاً، أو نحوه، فقال: إِن وَفَى به مالُ آلِ عمر فَأدِّهِ من أَموالهم، وإلا فَسلْ في بني عَدِيِّ بنِ كَعب، فإنْ لم تَف أموالُهُم فَسَلْ في قُرَيشٍ، ولا تَعْدُهُمْ إِلى غيرهم، وأَدِّ عَني هذا المالَ، انْطَلق إِلى أُمِّ المؤمنين عائشةَ، فقل: يَقْرَأُ عليكِ عمرُ السلامَ، ولا تَقلْ: أميرُ المؤمنين، فَإِني لَستُ اليَومَ للمؤمنين أَميراً، وقلْ: يستَأذِنُ عمرُ بنُ الخطاب أَن يُدفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قال: فسَلَّمَ واستَأذَنَ، ثم دخل عليها، فوجدها قَاعِدَة تبكي، فقال: يَقْرأُ عليكِ عمرُ بن الخطابِ السلامَ، ويستأذِنُ أن يُدْفَنَ مع صَاحِبَيْهِ، قال: فقالت: كنتُ أُرِيدُه لِنَفْسي، وَلأُوثِرَنَّهُ اليومَ على نفسي، فلما أَقبلَ، قيل: هذا عبدُ الله بنُ عمر قد جاء، فقال: ارفَعُوني، وأَسنَدَهُ رَجُلٌ إليهِ، فقال: ما لَدَيك؟ قال: الذي تُحِبُّ يا أمير المؤمنين، أذِنَتْ، قال: الحمدُ لله، ما كان شيءٌ أهَمَّ إِليَّ من ذلك، فإذا أنا قُبِضتُ فَاحْمِلُوني، ثم سَلِّمَ، وَقُلْ: يستأذِنُ عمرُ، فَإِنْ أَذِنَتْ لي فَأدخِلُوني، وإنْ رَدَّتني فَردُّوني إِلى مَقَابِرِ المسلمين، وجاءت أُمُّ المؤمنين حَفصةُ والنِّسَاءُ تَسترنها، فلما رَأينَاهَا قُمنا، فَوَلَجتْ عليهِ، فبكَت عندَهُ ساعَة، واستأذَنَ الرجالُ، فَوَلَجَتْ داخلاً، فسمعنا بكاءهَا من الدَّاخِلِ، فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين، استخْلِفْ، قال: ما أرَى أَحَداً أَحَقَّ بهذا الأمر من هؤلاءِ النفرِ – أَو الرَّهطِ – الذين تُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم رَاضٍ، فَسمى عَليّاً، وعثمانَ، والزُّبيْرَ، وطَلْحَةَ، وسعداً، وعبدَ الرحمن، وقال: يَشْهَدُكم عبدُ الله بنُ عمر، وليس له من الأمر شيءٌ – كَهيئَةِ التَّعْزِيةِ له – فإِن أصَابَتِ الإمارَةُ سعداً فهو ذاك، وإلا فَلْيستَعِن به أيُّكم ما أُمِّرَ، فإِني لم أَعْزِلْهُ عن عَجْزٍ، ولا خِيانَة، وقال: أُوصي الخليفةَ من بَعدي بالمهاجِرين الأولينَ: أنْ يَعْرِفَ لهم حَقَّهُمْ، ويحفظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُم، وَأُوصِيهِ بالأنصارِ خَيراً: الذين تَبَوَّؤُوا الدارّ والإيمَانَ من قَبلِهِمْ: أَن يُقبَلَ من مُحْسنِهم، وأَن يُعْفى عن مُسيئِهم، وأوصيِه بأهلِ الأمصارِ خَيْراً: فَإِنَّهُم رِدءُ الإسلامِ، وجُبَاةُ المالِ، وَغَيظُ العَدُوِّ، وأَن لا يُؤخذَ منهم إلا فَضْلُهم عن رِضى منهم، وأوصِيهِ بالأعراب خيراً، فإنهم أَصلُ العربِ وَمَادَّةُ الإسلامِ: أن يُؤخذَ مِن حَواشِي أموالهم، ويُرَدَّ على فُقَرَائِهِم، وأوصِيهِ بِذِمَّةِ الله وذِمَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-: أَن يُوفى لهم بِعَهْدِهم، وأن يُقَاتَلَ مِن وَرَائِهِم، ولا يُكلَّفُوا إلا طَاقَتَهم، قال: فلما قُبضَ خرجنا بِهِ، فانطَلقنا نَمشي، فَسلَّم عبد الله بن عُمَرَ، وقال: يستأذن عمرُ بن الخطاب، قالت: أدخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنالك مَعَ صَاحِبيَهِ، فلما فُرغَ من دَفْنهِ اجتمَعَ هؤلاء الرَّهطُ، فقال عبدُ الرحمن بن عوف: اجْعَلوا أَمرَكم إلى ثلاثةٍ منكم، فقال الزبيرُ: قد جعلتُ أمري إِلى عليٍّ، وقال طلحةُ: قد جعلتُ أمري إلى عثمانَ، وقال سعدٌ: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: أَيُّكما يَبرَأُ من الأمرِ فَنَجْعَله إليه، واللهُ عَليه والإسلامُ لَيَنْظُرَنَّ أفْضَلَهُم في نفسه؟ فَأُسكِتَ الشيْخَانِ، فقال عبدُ الرحمن: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ، والله عَلَيَّ أَن لا آلُوا عن أَفْضِلِكم؟ قالا: نعم، فَأخَذَ بِيَدِ أحَدهما، فقال: إن لَكَ من قَرَابَةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- والقَدَمِ في الإسلامِ ما قَد عَلِمْتَ، فَاللهُ عليك لَئِنْ أَمَّرتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِن أمَّرتُ عثمانَ لَتَسمعَنَّ وَلَتُطيعَنَّ؟ ثم خَلا بالآخَرِ فقال له مثل ذلك، فلما أخذَ الميثَاقَ قال: ارفَع يَدَكَ يا عثمانُ فَبَايَعَهُ، وبَايَعَ له عليٌّ، وولَجَ أَهلُ الدَّار فَبَايَعُوهُ» . أخرجه البخاري.
29905 / 2086 – (خ) عروة بن الزبير – رضي الله عنهما -: «أَنه لمَّا سَقَطَ حَائطُ حُجْرَةِ قَبْرِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في زَمَانِ الوليد أَخَذَ في بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُم قَدَمٌ، فَفَزِعُوا، وظَنوا أَنَّها قَدَمُ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فما وجدوا أحداً يعلم ذلك، حتى قال لهم عروةُ: لا والله، ما هي قَدَمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَا هي إلا قَدَمُ عُمَرَ» أخرجه ….
29906 / ز – عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ قَالَ: «أُصِيبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ».
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4566).
29907 / ز – عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ” إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ – فَقُلْتُ: أَعْجَمِيٌّ – وَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَمَنِ اسْتُخْلِفَ فَهُوَ الْخَلِيفَةُ “.
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4567).
29908 / 14462 – عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “«قَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لِيَبْكِ الْإِسْلَامُ عَلَى مَوْتِ عُمَرَ»”.
قال الهيثمي : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ حَبِيبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَذَّابٌ.
29909 / 14488/3925– عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْه غَدَاةَ طُعِنَ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي. وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إِلَّا هَيْبَتُهُ. كَانَ رَضِيَ الله عَنْه يَسْتَقْبِلُ الصَّفَّ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ رَأَى إِنْسَانًا مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا أَصَابَهُ بِالدِّرَّةِ، فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ. فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي، فَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْه يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَنَاجَاهُ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْه غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ تَرَكَهُ، ثُمَّ نَاجَاهُ ثُمَّ تَرَكَهُ. ثُمَّ طَعَنَهُ. فَرَأَيْتُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْه قَائِلًا بِيَدِهِ هَكَذَا. يَقُولُ: دُونَكُمُ الْكَلْبَ قَدْ قَتَلَنِي. فَمَاجَ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: الصَّلَاةُ عَبَادَ اللَّهِ، قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ الله عَنْه بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ، وَإِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. قَالَ: فَاحْتُمِلَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْه، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ نَاوِلْنِي الْكَتِفَ، فَلَوْ أراد الله تعالى أَنْ يَمْضِيَ مَا فِيهَا أَمْضَاهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْه: أَنَا أَكْفِيكَ أمحوها. فَقَالَ: لا وَاللَّهِ لَا يَمْحُوهَا أَحَدٌ غَيْرِي. فَمَحَاهَا عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْه بِيَدِهِ. وَكَانَ فِيهَا فَرِيضَةُ الْجَدِّ. ثُمَّ قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: ادْعُوا لِي علياً وعثمان رَضِيَ الله عَنْهما، وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدًا يرضى الله عنهم قَالَ: فَدُعُوا، فَلَمْ يُكَلِّمْ رَضِيَ الله عَنْه أَحَدًا مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا عَلِيًّا وَعُثْمَانَ رَضِيَ الله عَنْهما. قَالَ: يَا عَلِيُّ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَعَلَّهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا لَكَ قَرَابَتَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أعطاك الله تعالى مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، فَإِنْ وَلُّوكَ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ رَضِيَ الله عَنْه يَا عُثْمَانُ لَعَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَنْ يَعْرِفُوا لَكَ صِهْرَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَفَكَ. فَإِنْ وَلُّوكَ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: يَا صُهَيْبُ، صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلَاثًا، وَأَدْخِلْ هَؤُلَاءِ فِي بَيْتٍ. فَإِذَا اجتمعوا عَلَى رَجُلٍ، فَمَنْ خَالَفَهُمْ فَلْيَضْرِبُوا رَأْسَهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: إِنْ وَلَّوْا الْأَجْلَحَ سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِيقَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر رَضِيَ الله عَنْهما: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ رَضِيَ الله عَنْه؛ أَكْرَهُ أَنْ أَحْمِلَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3925) للحارث.
وقد قدمت رواياته مع شواهدها اول الباب.
29910 / 14488/3927– عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْه دَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَهُو يَقُولُ: لَا تَعْجَلُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ أَعِشْ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي. وَإِنْ أَمُتْ فَهُوَ إِلَيْكُمْ. قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. إِنَّهُ وَاللَّهِ قَدْ قُتِلَ وَقُطِّعَ. قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. ثُمَّ قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: وَيْحَكُمْ. مَنْ هُوَ؟ قَالُوا: أَبُو لُؤْلُؤَةَ. قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ نَظَرَ رَضِيَ الله عَنْه إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْه فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، أَيُّ وَالِدٍ كُنْتُ لَكَ؟ قَالَ: خَيْرُ وَالِدٍ. قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: فَأُقْسِمُ عَلَيْكَ لَمَا احْتَمَلْتَنِي حَتَّى تَلْصِقَ خَدِّي بِالْأَرْضِ، حَتَّى أَمُوتَ كَمَا يَمُوتُ الْعَبْدُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْه: وَاللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِيَشْتَدَّ عَلَيَّ يَا أَبَتَاهُ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: قُمْ فَلَا تُرَاجِعْنِي. قَالَ: فَقَامَ فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى أَلْصَقَ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ. ثُمَّ قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بحق الله تعالى، وَحَقِّ عُمَرَ إِذَا مُتُّ فَدَفَنْتَنِي لَمَا لَمْ تَغْسِلْ رَأْسَكَ حَتَّى تَبِيعَ مِنْ رِبَاعِ آلِ عُمَرَ بِثَمَانِينَ أَلْفًا فَتَضَعَهَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ الله عَنْه – وَكَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ – يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: وَمَا قَدْرُ هَذِهِ الثمانين ألفاً. قد أَضْرَرْتَ بِعِيَالِكَ، أَوْ بِآلِ عُمَرَ. قَالَ رَضِيَ الله عَنْه: إِلَيْكَ عَنِّي يَا ابْنَ عَوْفٍ، فَنَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْه فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا أَنْفَقْتُهَا، فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حَجَّةً حَجَجْتُهَا فِي وِلَايَتِي وَنَوَائِبَ كَانَتْ تَنُوبُنِي فِي الرُّسُلِ تَأْتِيَنِي مِنْ قِبَلِ الْأَمْصَارِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ الله عَنْه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ، وَأَحْسِنِ الظن بالله تعالى، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا وَقَدْ أَخَذَ مِثْلَ الَّذِي أَخَذْتَ مِنَ الْفَيْءِ الَّذِي قَدْ جعله الله تعالى لَنَا، وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ. وَقَدْ كَانَتْ لَكَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَابِقُ. فَقَالَ رَضِيَ الله عَنْه: يَا ابْنَ عَوْفٍ. وَدَّ عُمَرُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلَ فِيهَا. إِنِّي أَوَدُّ أَنْ ألقى الله تعالى ولَا تَطْلُبُونِي بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3927) لاسحاق.
قال في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (7/ 169): رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عُبَيْدَةَ الْعَبْدِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
29911 / ز – عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: ” سُمِعَ صَوْتٌ بِجَبَلِ تَبَالَةَ حِينَ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شِعْرٌ
[البحر الطويل]
لِيَبْكِ عَلَى الْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَقَدْ أَوْشَكُوا هَلْكَى وَمَا قَدُمَ الْعَهْدُ
وَأَدْبَرَتِ الدُّنْيَا، وَأَدْبَرَ خَيْرُهَا وَقَدْ مَلَّهَا مَنْ كَانَ يُوقِنُ بِالْوَعْدِ
فَنَظَرُوا فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا”.
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4580) 4/49.
29912 / ز – عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَثَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: (شِعْرٌ) “
[البحر الخفيف]
عَيْنُ جُودِي بِعَبْرَةٍ وَنَحِيبٍ لَا تَمَلِّي عَلَى الْإِمَامِ الصَّلِيبِ
فَجَعَتْنِي الْمَنُونُ بِالْفَارِسِ الْمُعْـ ـلَمِ يَوْمَ الْهَيَاجِ وَالتَّأْنِيبِ
عِصْمَةِ الدِّينِ وَالِمُعِينِ عَلَى الدَّهْرِ وغيثِ الْمَلْهُوفِ وَالْمَكْرُوبِ
قُلْ لِأَهْلِ الضَّرْاءِ وَالْبُؤْسِ مُوتُوا إِذْ سَقَتْنَا الْمَنُونُ كَأْسَ شُعُوبٍ
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ أَيْضًا:
[البحر الطويل]
فَجَّعَنِي فَيْرُوزٌ لَا دَرَّ دُرُّهُ بِأَبْيَضَ ثَالٍ لِكِتَابٍ مُنِيبِ
رَءُوفٍ عَلَى الْأَدْنَى غَلِيظٍ عَلَى الْعِدَى أَخِي ثِقَةٍ فِي النَّائِبَاتِ مُجِيبِ
مَتَى مَا يَقُلْ لَا يَكْذِبُ الْقَوْلَ فِعْلُهُ سَرِيعٌ إِلَى الْخَيْرَاتِ غَيْرُ قَطُوبِ
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4581).
29913 / 14462/3920– عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً.
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (3920) لإسحاق.
قال في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (7/ 163): رواه إسحاق بإسناد صحيح.
29914 / 14463 – وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ طَعَنَهُ طَعْنَتَيْنِ، فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّ لَهُ ذَنْبًا فِي النَّاسِ لَا يَعْلَمُهُ، فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ يُحِبُّهُ وَيُدْنِيهِ وَيَسْمَعُ مِنْهُ، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ نَعْلَمَ عَنْ مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ هَذَا؟ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِمَلَأٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَهُمْ يَبْكُونَ، فَرَجَعَ إِلَى74/9 عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا مَرَرْتُ عَلَى مَلَأٍ إِلَّا وَهُمْ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ فَقَدُوا الْيَوْمَ أَبْكَارَ أَوْلَادِهِمْ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَنِي؟ فَقَالَ: أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيُّ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ الْبِشْرَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَبْتَلِنِي أَحَدٌ يُحَاجُّنِي يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، أَمَا أَنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمُ أَنْ تَجْلِبُوا إِلَيْنَا مِنَ الْعُلُوجِ أَحَدًا فَعَصَيْتُمُونِي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا إِلَيَّ إِخْوَانِي قَالُوا: وَمَنْ؟ قَالَ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي، فَلَمَّا جَاءُوا، قُلْتُ: هَؤُلَاءِ قَدْ حَضَرُوا قَالَ: نَعَمْ. نَظَرْتُ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدْتُكُمْ أَيُّهَا السِّتَّةُ رُءُوسَ النَّاسِ وَقَادَتَهِمْ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا فِيكُمْ، مَا اسْتَقَمْتُمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُ النَّاسِ، وَإِنْ يَكُنِ اخْتِلَافٌ يَكُنْ فِيكُمْ. فَلَمَّا سَمِعْتُهُ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ وَالشِّقَاقَ وَإِنْ يَكُنْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَائِنٌ لِأَنَّهُ قَلَّمَا قَالَ شَيْئًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، ثُمَّ نَزَفَهُ الدَّمُ فَهَمَسُوا بَيْنَهُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيٌّ بَعْدُ، وَلَا يَكُونُ خَلِيفَتَانِ يَنْظُرُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ، فَقَالَ: احْمِلُونِي، فَحَمَلْنَاهُ، فَقَالَ: تَشَاوَرُوا ثَلَاثًا، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ قَالُوا: مَنْ نُشَاوِرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: شَاوِرُوا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، وَسَرَاةَ مَنْ هُنَا مِنَ الْأَجْنَادِ، ثُمَّ دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبَ فَخَرَجَ بَيَاضُ اللَّبَنِ مِنَ الْجُرْحَيْنِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ: الْآنَ لَوْ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا كُلَّهَا لَافْتَدَيْتُ بِهَا مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ، وَمَا ذَاكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَنْ أَكُونَ رَأَيْتُ إِلَّا خَيْرًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَإِنْ قُلْتُ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، أَلَيْسَ قَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِزَّ اللَّهُ بِكَ الدِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ إِذْ يَخَافُونَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا أَسْلَمْتَ كَانَ إِسْلَامُكَ عِزًّا، وَظَهَرَ بِكَ الْإِسْلَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَهَاجَرْتَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَتْ هِجْرَتُكَ فَتْحًا، ثُمَّ لَمْ تَغِبْ عَنْ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ يَوْمِ كَذَا وَيَوْمِ كَذَا، ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، فَوَازَرْتَ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ عَلَى مِنْهَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبْتَ بِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ أَدْبَرَ حَتَّى دَخَلَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا، ثُمَّ قُبِضَ الْخَلِيفَةُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ وُلِّيتَ بِخَيْرِ مَا وُلِّيَ النَّاسُ، مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ، وَجَبَى بِكَ الْأَمْوَالَ، وَنَفَى بِكَ الْعَدُوَّ، وَأَدْخَلَ اللَّهُ بِكَ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ تَوْسِعَتِهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَتَوْسِعَتِهِمْ فِي أَرْزَاقِهِمْ، 75/9 ثُمَّ خَتَمَ لَكَ بِالشَّهَادَةِ ; فَهَنِيئًا لَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ تَغُرُّونَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَتَشْهَدُ لِي يَا عَبْدَ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَلْصِقْ خَدِّي بِالْأَرْضِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَوَضَعْتُهُ مِنْ فَخِذِي عَلَى سَاقِي، فَقَالَ: أَلْصِقْ خَدِّي بِالْأَرْضِ، فَتَرَكَ لِحْيَتَهُ وَخَدَّهُ حَتَّى وَقَعَ بِالْأَرْضِ، فَقَالَ: وَيْلَكَ وَوَيْلَ أُمِّكَ يَا عُمَرُ! إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ يَا عُمَرُ. ثُمَّ قُبِضَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا قُبِضَ أَرْسَلُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: لَا آتِيكُمُ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ مُشَاوَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَسَرَاةِ مَنْ هُنَا مِنَ الْأَجْنَادِ. قَالَ الْحَسَنُ: وَذُكِرَ لَهُ فِعْلُ عُمَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَخَشْيَتُهُ مِنْ رَبِّهِ، فَقَالَ: هَكَذَا الْمُؤْمِنُ جَمَعَ إِحْسَانًا وَشَفَقَةً، وَالْمُنَافِقُ جَمَعَ إِسَاءَةً وَغِرَّةً، وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا بَقِيَ عَبْدًا ازْدَادَ إِحْسَانًا إِلَّا ازْدَادَ مَخَافَةً وَشَفَقَةً مِنْهُ، وَلَا وَجَدْتُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا بَقِيَ عَبْدًا ازْدَادَ إِسَاءَةً إِلَّا ازْدَادَ غِرَّةً.
قال الهيثمي : رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
29915 / ز – سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ مِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةً بِبَطْحَاءَ، ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا صِنْفَةَ رِدَائِهِ، ثُمَّ اسْتَلْقَى وَمَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ كَبُرَ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ» ، ثُمَّ قَدِمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ قَدْ سَنَنْتُ لَكُمُ السُّنَنَ، وَفُرِضْتُ لَكُمُ الْفَرَائِضَ، وَتَرَكْتُكُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ – وَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى – إِلَّا أَنْ تَمِيلُوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالًا» ، فَمَا انْسَلَخْتَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى قُتِلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4569).
29916 / 14464 – وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَ يَصْنَعُ الْأَرْحَاءَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَسْتَغِلُّهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَلَقِيَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ أَثْقَلَ عَلَيَّ غَلَّتِي، فَكَلِّمْهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَوْلَاكَ، وَمِنْ نِيَّةِ عُمَرَ أَنْ يَلْقَى الْمُغِيرَةَ فَيُكَلِّمَهُ فَيُخَفِّفَ. فَغَضِبَ الْعَبْدُ وَقَالَ: وَسِعَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَدْلُهُ غَيْرِي، فَأَضْمَرَ عَلَى قَتْلِهِ، فَاصْطَنَعَ خِنْجَرًا لَهُ رَأْسَانِ وَشَحَذَهُ وَسَمَّهُ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْهُرْمُزَانَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى هَذَا؟ قَالَ: أَرَى أَنَّكَ لَا تَضْرِبُ بِهِ أَحَدًا إِلَّا قَتَلْتَهُ قَالَ: فَتَحَيَّنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَجَاءَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى قَامَ وَرَاءَ عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَكَلَّمَ يَقُولُ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ كَمَا كَانَ يَقُولُ قَالَ: فَلَمَّا كَبَّرَ وَجَأَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي كَتِفِهِ وَوَجَأَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، فَسَقَطَ عُمَرُ وَطَعَنَ بِخِنْجَرِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَهَلَكَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَفَرَقَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ، وَجَعَلَ عُمَرُ يَذْهَبُ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَضَاجَ النَّاسُ حَتَّى كَادَتْ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، فَنَادَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ. قَالَ: وَفَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَتَقَدَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ تَوَجَّهُوا إِلَى عُمَرَ، فَدَعَا بِشَرَابٍ لِيَنْظُرَ مَا قَدْرُ جُرْحِهِ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ. فَلَمْ يَدْرِ أَنَبِيذٌ هُوَ أَمْ دَمٌ، فَدَعَا بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالُوا: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: إِنْ يَكُنِ الْقَتْلُ بَأْسِي فَقَدْ قُتِلْتُ، فَجَعَلَ النَّاسُ 76/9 يُثْنُونَ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; كُنْتَ وَكُنْتَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وَيَجِيءُ قَوْمٌ آخَرُونَ فَيُثْنُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، وَإِنَّ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَلِمَتْ لِي. فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَكَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَكَانَ خَلِيطُهُ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَخْرُجُ مِنْهَا كَفَافًا، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَحِبْتَهُ خَيْرَ مَا صَحِبَهُ صَاحِبٌ كُنْتَ لَهُ، وَكُنْتَ لَهُ، وَكُنْتَ لَهُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وُلِّيتَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ، فَوُلِّيتَهَا بِخَيْرِ مَا وَلِيَهَا وَالٍ، كُنْتَ تَفْعَلُ وَكُنْتَ تَفْعَلُ، فَكَانَ عُمَرُ يَسْتَرِيحُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَرِّرْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ، فَكَرَّرَ عَلَيْهِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللَّهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ، لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ الْيَوْمَ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ، قَدْ جَعَلْتُهَا شُورَى فِي سِتَّةٍ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَعَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَعَهُمْ مُشِيرًا وَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا، وَأَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية رقم (3928) لأبي يعلى.
اورده في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (4/ 195) مختصرا، وقال: وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ وَطُرُقِهِ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.- يعني من كتاب الاتحاف – انتهى.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: ثَنَا أَبُو يعلى الموصلي … فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: ثنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، قالا: ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا محمد بن عبيد بن حساب ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ … فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وسُنَنِهِ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ … فَذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ: {وَجَأَهُ} بِالْجِيمِ أَيْ: رَضَّهُ.
ومما قاله في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (7/ 171) في الموضع الاخر: رواه أبو يعلى وَعَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَعَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الدِّيَّاتِ.
وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَعَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عَاشَ عُمَرُ ثَلَاثًا بَعْدَ أَنْ طُعِنَ ثُمَّ مَاتَ فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ “.
ومما اورد من شواهده في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (7/ 167): وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: ” إِنْ كُنْتُ لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّفِّ مِنْ هَيْبَةِ عُمَرَ فَجَاءَ وَأَنَا فِي الصَّفِّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ مِلَاءَةٌ صَفْرَاءُ فَقَالَ: عبادٍ اللَّهِ الصَّلَاةَ عِبَادُ اللَّهِ الصَّلَاةَ عِبَادُ الله الصلاة استووا استووا. فتقدم فكبر فوجأه وجأ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا. ثُمَّ مَالَ عَلَى الصَّفِّ فَوَجَأ ثَلَاثَةَ عَشْرَ رَجُلًا حَتَّى أَلْقَى رَجُلٌ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لَهُ “.
رواه مسدد وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَلَفْظُهُ: قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: ” شَهَدْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غَدَاةَ طُعِنَ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إِلَّا هَيْبَتُهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الصَّفَّ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فإن رأى إنسانًا متقدما ً أَوْ مُتَأَخِّرًا أَصَابَهُ بِالدُّرَّةِ فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنِي أَنْ أَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي فَجَاءَ عُمَرُ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَعَرَضَ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَنَاجَاهُ عُمَرُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ تَرَكَهُ ثُمَّ نَاجَاهُ ثُمَّ تَرَكَهُ ثُمَّ نَاجَاهُ ثُمَّ تَرَكَهُ ثُمَّ طَعَنَهُ فَرَأَيْتُ عُمَرَ قَائِلًا بِيَدِهِ هَكَذَا يَقُولُ: دونكم الكلب! فقد قتلني. فماج النَّاسُ قَالَ: فَجُرِحَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ- أَوْ سَبْعَةٌ- وَمَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فاحتضنه فَقَالَ قَائِلٌ! الصَّلَاةُ عِبَادَ اللَّهِ فَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَتَدَافَعَ النَّاسُ فَدَفَعُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن عوف فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ ” إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ ” ” إنا أعطيناك الكوثر” قال: واحتمل فدخل عليه الناس قال: ياعبد اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ اخْرُجْ فَنَادِ فِي النَّاسِ: أَعَنْ مَلَإٍ مِنْكُمْ كَانَ هَذَا؟ قَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ وَلَا عَلِمْنَا وَلَا اطَّلَعْنَا. قَالَ: ادْعُوا لي بالطبيب فَدُعِيَ فَقَالَ: أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – النَّبِيذُ فَشَرِبَ نَبِيذًا فَخَرَجَ مِنْ بَعْضِ طَعَنَاتِهِ فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا صَدِيدٌ. فَقَالَ: اسْقُوهُ لَبَنًا. فَشَرِبَ لَبَنًا فَخَرَجَ مِنْ بَعْضِ طَعَنَاتِهِ قَالَ: مَا أرى أن يمسي فما كنت فاعلا فافعل فقال: يا عبدلله نَاوِلْنِي الْكَتِفَ فَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَمْضِيَ مَا فِيهَا أَمْضَاهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا أكفيك أمحوها. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يَمْحُوهَا أَحَدٌ غَيْرِي. فَمَحَاهَا عُمَرُ بِيَدِهِ وَكَانَ فِيهَا فَرِيضَةُ الْجَدِّ ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدًا. قَالَ: فَدُعُوا فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا عَلِيًّا وَعُثْمَانَ قَالَ: يَا عَلِيُّ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَعَلَّهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا لَكَ قَرَابَتَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ فَإِنْ وَلَّوْكَ هَذَا الَأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ يَا عُثْمَانُ لَعَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَنْ يَعْرِفُوا لَكَ صِهْرَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَشَرَفَكَ فَإِنْ وَلَّوْكَ هَذَا الْأَمْرَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ: يَا صُهَيْبُ صَلِّ بِالنَّاسِ- ثَلَاثًا- وَأَدْخِلْ هَؤُلَاءِ فِي بَيْتٍ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَمَنْ خَالَفَهُمْ فَلْيَضْرِبُوا رَأْسَهُ فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ: إِنْ وَلَّوُا الْأَجْلَحَ سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِيقَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَحْمِلُهَا حَيًّا وَمَيِّتًا “.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بَأَتَمِّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَقَدْ أَفْرَدْتُ مَا زِيدَ عَلَيْهِ.انتهى.
والحديث عند ابن حبان (6905) والحاكم (4512).