وتقدمت منه أحاديث فيما سبق من الأبواب.
25574 / 2051 – (م ت د) أم سلمة – رضي الله عنها – أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عليكُمْ أُمَرَاءُ، فَتعرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقد بَرِئ، وَمَن أَنْكَرَ فقد سَلِمَ، ولكن مَنْ رَضي وتَابَعَ» ، قالوا: أفَلا نُقَاتِلُهمْ؟ قال: «لا، مَا صَلُّوا». أي:مَنْ كَرِهَ بِقَلْبه، وأنكر بقلبه، كذا عند مسلم.
وفي حديث أبي داود: «سَيَكُونُ عليكم أئمَّةٌ تَعرِفُونَ منهم وتُنكِرون … الحديث». وأخرجه الترمذي أيضاً.
25575 / 107 – (م ت د س ه – أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ) قال طارق بن شهاب: أولُ من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مَروان، فقام إليه رجلٌ فقال: الصَّلاةُ قبل الخطبة، قال: قد تُرِك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أمَّا هذا فقد قَضى ما عليه، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكُم منكرًا فلْيُغَيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» . هذه رواية مسلم.
ورواية الترمذي مثلها، إلا أنه قال: فقام رجل فقال: يا مروان، خالَفْتَ السُّنَّة. فقال: يا فلانُ، تُرِك ما هُنَالك.
وفي رواية أبي داود: قال: يا مروان، خالَفْتَ السُّنَّةَ، أخرَجت المنبر في يوم عيد، ولم يكن يُخْرَجُ فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، فقال أبو سعيد: مَن هذا؟ قالوا: فلانُ بنُ فلان، فقال: أمَّا هذا فقد قَضى ما عليه … وذكر الحديث. و رواية ابن ماجه بنحوها و لفظه أخرج مروان المنبر يوم العيد. فبدأ بلخطبة قبل الصّلاة. فقام رجلٌ فقال : يا مروان خالفت السنة .
وفي رواية النسائي، لم يذكر العيد والخطبة، وهذا لفظه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم منكرًا فَغَيَّرَهُ فقد برِئَ، ومن لم يستطع أن يُغَيِّره بيده، فغيَّره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان».
25576 / 12167 – عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا هَزَمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَالَ الْمُعَلَّى: فَخَشِيتُ أَنْ أَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَأُوجَدَ فِيهَا فَأُعْرَفَ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ فِي مَنْزِلِهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَيْفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ” {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 62] “. قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عَرَضُوا السَّيْفَ فَحَالَ السَّيْفُ دُونَ الْكَلَامِ. قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَهَلْ تَعْرِفُ لِمُتَكَلِّمٍ فَضْلًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ الْمُعَلَّى: ثُمَّ حَدَّثْتُ بِحَدِيثَيْنِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبْعِدُ مِنْ رِزْقٍ» “، قَالَ: ثُمَّ حَدَّثَ الْحَسَنُ بِحَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” «لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ “. قِيلَ: 272/7 وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: ” يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لَمَّا لَا يُطِيقُ» “. قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَيَزِيدُ الضَّبِّيُّ وَكَلَامُهُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ. قَالَ الْمُعَلَّى: فَقُمْتُ مِنْ مَجْلِسِ الْحَسَنِ، فَأَتَيْتُ يَزِيدَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَوْدُودٍ، بَيْنَا أَنَا وَالْحَسَنُ نَتَذَاكَرُ إِذْ نَصَبَ أَمْرَكَ نَصْبًا. فَقَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ. قَالَ: قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قُلْتُ: قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ. قَالَ يَزِيدُ: مَا نَدِمْتُ عَلَى مَقَالَتِي وَايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أُخْطِرُ فِيهِ بِنَفْسِي. قَالَ يَزِيدُ: فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، غُلِبْنَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ تَغَلَّبَ عَلَى صِلَاتِنَا. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، إِنَّكَ تَعْرِضُ نَفْسَكَ لَهُمْ. ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ. قَالَ: فَقُمْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، الصَّلَاةُ، فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ احْتَوَشَتْنِي الرِّجَالُ يَتَعَاوَرُونِي، فَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَتَلْبِيبَتِي، وَجَعَلُوا يُجْؤُونَ بَطْنِي بِنِعَالِ سُيُوفِهِمْ. قَالَ: وَمَضَوْا بِي نَحْوَ الْمَقْصُورَةِ، فَمَا وَصَلْتُ إِلَيْهَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي دُونَهَا. قَالَ: فَفُتِحَ لِي بَابُ الْمَقْصُورَةِ. قَالَ: فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ وَهُوَ سَاكِتٌ. فَقَالَ: أَمْجَنُونٌ أَنْتَ؟ وَمَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ. فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، هَلْ مِنْ كَلَامٍ أَفْضَلَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفًا يَقْرَؤُهُ غُدْوَةً إِلَى اللَّيْلِ كَانَ ذَلِكَ قَاضٍ عَنْهُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لَأَحْسَبُكَ مَجْنُونًا. قَالَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ تَحْتَ مِنْبَرِهِ سَاكِتٌ، فَقُلْتُ: يَا أَنَسُ يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ، فَقَدْ خَدَمْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحِبْتَهُ، أَبِمَعْرُوفٍ قُلْتُ أَمْ بِمُنْكَرٍ؟ أَبِحَقٍّ قُلْتُ أَمْ بِبَاطِلٍ؟ قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ، مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ. قَالَ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ: يَا أَنَسُ، قَالَ: يَقُولُ: لَبَّيْكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ. قَالَ وَكَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ. قَالَ: كَانَ بَقِيَ مِنَ الشَّمْسِ بَقِيَّةٌ. قَالَ: احْبِسُوهُ. قَالَ يَزِيدُ: فَأُقْسِمُ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ يَعْنِي لِلْمُعَلَّى لَمَا لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِي كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ مَقَالِي، قَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَاءٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَجْنُونٌ. قَالَ: وَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضُبَّةَ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: الصَّلَاةَ وَأَنَا أَخْطُبُ، وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ عِنْدِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنْ كَانَتْ قَامَتِ الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ 273/7 وَرِجْلَيْهِ وَاسْمُرْ عَيْنَيْهِ وَاصْلِبْهُ. قَالَ: فَشَهِدُوا عِنْدَ الْحَكَمِ أَنِّي مَجْنُونٌ فَخَلَّى عَنِّي. قَالَ الْمُعَلَّى عَنْ يَزِيدَ الضَّبِّيِّ: مَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْنَا جَنَازَتَهُ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا دُفِنَ تَنَحَّيْتُ فِي عِصَابَةٍ، فَذَكَرْنَا اللَّهَ وَذَكَرْنَا مَعَادَنَا، فَإِنَّا كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْنَا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَالْحِرَابِ، فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابِي قَامُوا وَتَرَكُونِي وَحْدِي، فَجَاءَ الْحَكَمُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، مَاتَ صَاحِبٌ لَنَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدَفَنَّاهُ وَقَعَدْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ. قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفِرَّ كَمَا فَرُّوا؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَنَا أَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ سَاحَةً وَآمَنُ الْأَمِيرَ أَنْ أَفِرَّ. قَالَ: فَسَكَتَ الْحَكَمُ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ: تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: فَغَضِبَ الْحَكَمُ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَجَرِئٌ، خُذَاهُ. قَالَ: فَأُخِذْتُ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَمَا دَرِيتُ مَتَى تَرَكَنِي مِنْ شِدَّةِ مَا ضَرَبَنِي. قَالَ: وَبَعَثَنِي إِلَى وَاسِطَ، فَكُنْتُ فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ.
قال الهيثميُّ : رواه أبو يعلى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية رقم (4546) و(4547) لأبي يعلى. وقال في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (8/ 90): رواه أبو يعلى الْمَوْصِلِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالْحَارِثُ مُخْتَصَرًا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي الْمَوَاعِظِ فِي بَابِ مَنْ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ.