وسيأتي باب كف أعدائه عنه صلى الله عليه وسلم
28815 / 4054 – (خ م س ه – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ) «أنه غزا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نجد، فلما قَفَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلةُ في واد كثير العِضَاهِ، فنزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وتفرَّق الناس يستظِلُّون بالشجر، فنزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تحت سَمُرة، فعلَّق بها سَيْفَهُ، ونِمنا نومة، فإذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: إنَّ هذا اخْتَرطَ عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظتُ وهو في يده صَلْتاً، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله – ثلاثاً – ولم يعاقبْهُ، وجلسَ» .
قال البخاري: وقال أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر: «كنا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بذاتِ الرِّقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من المشركين وسيفُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم معلَّق بالشجرة، فاخترطه، فقال: تخافني؟ فقال: لا، فقال: منْ يمنعك مني؟ قال: الله، فتهدَّده أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأُقيمت الصلاةُ، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع، وللقوم ركعتان» .
وأول حديث أبان في رواية عفَّان عنه: «أقبلْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنا بذات الرِّقاع …». قال البخاري: «وقال مسدِّد عن أبي عوانة عن أبي بشر: اسم الرجل: غَوْرَث بن الحارث، وقاتل فيها مُحارب ابن خَصَفة» لم يزد البخاري على هذا.
وقال البخاري: وقال بكرُ بن سَوَادَةَ: حدَّثني زياد بن نافع، عن أبي موسى – وهو موسى بن علي – أن جابراً حدَّثهم قال: «صلى النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ مُحَارِب وثعلبةَ» لم يزد البخاري على هذا، حذف المتن، وهو «أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاة الخوف يومَ محارب وثعلبة: لكل طائفة ركعة، وسجدتين» وأخرج البخاري حديث أبان تعليقاً، وأخرجه مسلم من رواية عفان بن أبان مُدرَجاً على أحاديث الزهري في ذلك قبله، وذكر منه أوَّلَه، ثم قال: «بمعنى حديث الزهري» وليس في شيء مما قبله من الروايات عن الزهري ما في حديث أبان من صلاة الخوف، وعَلِمنا ذلك من إيراد البخاري كذلك، ثم وجدنا مسلماً قد أخرجه بعينه متناً، وإسناداً بطوله في الصلاة، ولم يدرجه، فصح أن مسلماً عَنَى: «بمعناه» في البعض، لا في الكل، وإن كان قد أهمل البيان، وقال البخاري في كتابه في المغازي: وقال عبد الله بن رجاء: أخبرنا عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى بأصحابه في الخوف في الغزوة السابعة: غزوة ذات الرِّقاع» وأخرجه مسلم بطوله، وفيه كيفية الصلاة بنحو ما مرَّ آنفاً في حديث أبان عن يحيى، وأفرد مسلم منه أيضاً صلاةَ الخوف، فقال: قال ابن إسحاق: سمعتُ وَهبَ بن كيْسان، سمعتُ جابراً قال: «خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرِّقاع من نَخل، فلقي جمعاً من غطفان، فلم يكن قِتال، وأخاف الناسُ بعضهم بعضاً، فصلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ركعتي الخوف» .
هذا جميعه لفظ الحميدي، نقلاً من كتابه «الجمع بين الصحيحين» وأخرج ذلك في المتفق، وأخرج أيضاً في أفراد مسلم قال: «شهدتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوف، فصففنا صفَّينِ خلْفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، والعدوُّ بيننا وبين القبلة، فكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم، وكبَّرنا جميعاً، ثم ركع وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الرُّكوع، ورفعنا جميعاً، ثم انحدَر بالسجود والصفُّ الذي يليه، وقام الصفُّ المؤخِّر في نحر العدو، فلما قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم السجودَ، وقام الصفُّ الذي يَليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود، وقاموا، ثم تقدَّم الصفُّ المؤخَّر، وتأخَّر الصفُّ المقدَّم، ثم ركع النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع، ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصفُّ الذي يليه الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى، فقام الصفُّ المؤخَّرُ في نحر العدو، فلما قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم السجودَ والصفُّ الذي يليه، انحدَرَ الصفُّ المؤخَّرُ بالسجود، فسجدوا، ثم سلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم وسلَّمنا جميعاً – قال جابر: كما يصنع حرَسُكم هؤلاء بأُمرائهم» .
وفي أخرى له قال: «غزَوْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قوماً من جُهَينةَ، فقاتلونا قتالاً شديداً، فلما صلَّينا الظُّهر، قالوا: لو مِلْنا عليهم مَيْلة لاقتطعناهم، فأخبرَ جبريلُ عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وقالوا: إنهم ستأتيهم صلاة هي أحبُّ إليهم من الأولاد، فلما حضرتِ العصرُ صفَفْنا صفَّيْن، والمشركون بيننا وبين القبلة – ثم ذكره – إلى أن قال: كما يصلِّي أُمراؤُكم هؤلاءِ» وفي رواية النسائي «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف، فقام صفّ بين يديه، وصف خلْفَه، صلَّى بالذين خلفه ركعة وسجدتين، ثم تقدَّم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم، وجاء أولئك فقاموا مقام هؤلاء، فصلَّى بهم رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين، ثم سلَّم، فكانت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ركعتان، ولهم ركعة ركعة» .
وله في أخرى بنحو رواية مسلم الأولى من أفراده، وله في أخرى: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلَّم، ثم صلَّى بأخرى ركعتين، ثم سلَّم» وله في أخرى «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه صلاة الخوف، فصلت طائفة معه، وطائفة وُجوهُهم قِبلَ العدوِّ، فصلى بهم ركعتين، ثم قاموا مقام الآخرين، وجاء الآخرون فصلَّى بهم ركعتين، ثم سلَّم».
ولفظ ابن ماجه « أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَرَكَعَ بِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّفُّ الَّذِينَ يَلُونَهُ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ، حَتَّى إِذَا نَهَضَ سَجَدَ أُولَئِكَ بِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، حَتَّى قَامُوا مُقَامَ أُولَئِكَ، وَتَخَلَّلَ أُولَئِكَ حَتَّى قَامُوا مُقَامَ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ، فَرَكَعَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ، فَلَمَّا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ سَجَدَ أُولَئِكَ سَجْدَتَيْنِ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَكَعَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ طَائِفَةٌ بِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، وَكَانَ الْعَدُوُّ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ».
28816 / 13868 – عَنْ جَعْدَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأَى رَجُلًا سَمِينًا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُومِئُ إِلَى بَطْنِهِ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: ” لَوْ كَانَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا لَكَانَ خَيْرًا 2 26/8لَكَ “. قَالَ: وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ فَقَالُوا: هَذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَكَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “لَمْ تُرَعْ، لَمْ تُرَعْ، وَلَوْ أَرْدتَ ذَلِكَ؟ لَمْ يُسَلِّطْكَ اللَّهُ عَلَيَّ».
قال الهيثميّ: رواه أحمد وَالطَّبَرَانِيُّ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي إِسْرَائِيلَ الْجُشَمِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ.
وتقدم الكلام عليه
28817 / 13869 – وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ عَطُوفٍ تَتْبَعُهَا مُهْرَةٌ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: ” غَيْبٌ، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ” قَالَ: فَمَتَى يُمْطِرُ الْغَيْثُ؟ قَالَ: ” غَيْبٌ، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ” قَالَ فَمَا فِي بَطْنِ فَرَسِي؟ قَالَ: ” غَيْبٌ، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ” قَالَ: فَأَعْطِنِي سَيْفَكَ هَذَا. قَالَ: ” هَا “. فَأَخَذَهُ فَسَلَّهُ ثُمَّ هَزَّهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ الَّذِي أَرَدْتَ “. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ: ائْتِهِ قَاتِلَهُ، ثُمَّ أَخُذُ بِسَيْفِي فَاقْتُلُهُ ثُمَّ غَمَدَ السَّيْفَ».
قال الهيثميّ : رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
28818 / 13870 – وَعَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ قَالَ: «قَالَتْ بِنْتُ الْحَكَمِ: قُلْتُ لِجَدِّي: مَا رَأَيْتُ يَوْمًا أَعْجَزَ وَلَا أَسْوَأَ رَأْيًا فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا بَنِي أُمَيَّةَ. قَالَ: لَا تَلُومِينَا يَا بُنَيَّةُ، إِنِّي لَا أُحَدِّثُكِ إِلَّا مَا رَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ هَاتَيْنِ. قُلْنَا: وَاللَّهِ مَا نَزَالُ نَسْمَعُ قُرَيْشًا تُعْلِي هَذَا الصَّابِئَ فِي مَسْجِدِنَا، تَوَاعَدُوا لَهُ حَتَّى تَأْخُذَهُ، فَتَوَاعَدْنَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ سَمِعْنَا أَصْوَاتًا ظَنَنَّا أَنَّهُ مَا بَقِيَ بِتِهَامَةَ خَيْلٌ إِلَّا تَفَتَّتْ عَلَيْنَا، فَمَا عَقَلْنَا حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ تَوَاعَدْنَا لَيْلَةً أُخْرَى، فَلَمَّا جَاءَ نَهَضْنَا إِلَيْهِ فَرَأَيْتُ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ الْتَقَتَا أَحَدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَحَالَتَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَوَاللَّهِ مَا نَفَعَنَا ذَلِكَ».
قال الهيثميّ: رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ غَيْرَ بِنْتِ الْحَكَمِ فَلَمْ أَعْرِفْهَا.
28819 / 13871 – وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: «كُنْتُ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا سَاجِدًا أَنْ أَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ. فَخَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ أَبِي جَهْلٍ، فَخَرَجَ غَضْبَانَ حَتَّى جَاءَ الْمَسْجِدَ فَعَجَّلَ أَنْ يَدْخُلَ مِنَ الْبَابِ، فَاقْتَحَمَ الْحَائِطَ، فَقُلْتُ: هَذَا يَوْمُ شَرٍّ. فَاتَّزَرْتُ ثُمَّ تَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 1 – 2] فَلَمَّا بَلَغَ شَأْنَ أَبِي جَهْلٍ {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6 – 7] قَالَ إِنْسَانٌ لِأَبِي جَهْلٍ: يَا أَبَا الْحَكَمِ هَذَا مُحَمَّدٌ، فَقَالَ: أَلَا تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ وَاللَّهِ لَقَدْ سُدَّ أُفُقُ السَّمَاءِ عَلَيَّ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَ السُّورَةِ سَجَدَ».
قال الهيثميّ: رواهُ الطبرانيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.227/8 لكن الحديث في المستدرك (5413).
28820 / 13872 – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، فَتَعَاقَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاتَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى وَإِسَافَ وَنَائِلَةَ، لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا لَقَدْ قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ، فَأَقْبَلَتِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَبْكِي، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: هَذَا الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ لَقَدْ قَامُوا إِلَيْكَ فَيَقْتُلُوكَ، فَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ، قَالَ: ” يَا بُنَيَّةُ أَدْلِي وُضُوءًا “، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا هُوَ، وَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ، وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ، وَعُقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ بَصَرًا، وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، فَقَالَ: “شَاهَتِ الْوُجُوهُ”، ثُمَّ حَصَبَهُمْ بِهَا، فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَصَى حَصَاةً إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا».
قال الهيثميّ: رواه أحمد بِإِسْنَادَيْنِ، وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحَادِيثُ فِي الْمَغَازِي فِي تَبْلِيغِهِ صلى الله عليه وسلم وَصَبْرِهِ عَلَى ذَلِكَ.