20796 / 9203 – (خ) عائشة – رضي الله عنها وسراقة بن مالك رضي الله عنه قالت: «لَمْ أَعْقِلْ أبوَيَّ قَطُّ إلا وهما يدينان الدِّينَ، ولم يمرَّ علينا يومٌ إلا يأتينا فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طَرَفَي النهار، بُكْرَةً وعَشِيّةً، فلما ابْتُليَ المسلمون، خرج أبو بكر مهاجراً نحو أرض الحبشة، حتى إذا بلغَ بَرْكَ الغِماد، لَقِيَهُ ابنُ الدُّغُنَّة – وهو سيد القارَة – فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، وأريد أن أَسِيحَ في الأرض فأعبدَ ربي، فقال ابن الدُّغُنَّة: فإن مِثْلَكَ يا أبا بكر لا يَخْرُج ولا يُخْرَج، إنك تكْسِبُ المعدُومَ، وتَصِلُ الرحم، وتحمل الكَلّ، وتَقْرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، فارجع فاعْبُدْ رَبّك ببلدك، فرجع، وارتحَلَ معه ابنُ الدُّغُنَّة، فطاف ابن الدُّغُنَّة عَشِيَّةً في أشراف كفار قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يخْرُجُ مثلُه ولا يُخْرَج أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يكْسِب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكَلّ، ويَقْري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ فلم تُكَذِّب قريش بجوار ابن الدُّغُنَّة – وفي رواية: فأنفذت قريش جوار ابنِ الدُّغُنَّة – وآمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدُّغُنَّة: مُرْ أبا بكر فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في داره، وليُصَلِّ فيها، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنا نخشى أَن يَفْتِنَ نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدُّغُنَّة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يَعْبُدُ ربه في داره، ولا يَسْتَعْلِن بصلاته، ولا يقرأ في غير داره، ثم بَدَا لأبي بكر، فابتَنَى مسجداً بفناء داره، وكان يصلِّي فيه ويقرأ القرآن ، فيتَقَصَّفُ عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يُعجَبون منه، وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجُلاً بَكَّاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابنِ الدُّغُنَّة، فقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أَجَرْنا أبا بكر بجوارك على أن يعبدَ ربه في داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجداً بفناء داره، فأَعْلَنَ بالصلاة والقراءة فيه، وإنَّا قد خشينا أن يَفْتِنَ نساءنا وأبناءنا، فانْهَهُ، فإن أحبَّ أن يقتصِر على أن يعبدَ ربه في داره فَعَل، وإن أبى إلا أن يُعلِنَ بذلك، فَسَلْهُ أن يَرُدَّ إليك ذِمَّتَك، فإنا قد كَرِهْنا أن نُخْفِرَك، ولَسْنا مُقِرِّين لأبي بكر الاستعلانَ، قالت عائشة: فأتى ابنُ الدُّغُنَّة إِلى أبي بكر، فقال: قد عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترْجِعَ إِليَّ ذِمَّتي، فإني لا أُحِبُّ أن تسمعَ العربُ أني قد أُخْفِرْتُ ذِمَّتي في رجلٍ عَقَدْتُ له، فقال له أبو بكر: فإني أردُّ إليك جِوَارَك، وأرضى بجوار الله – والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة – فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمسلمين: إني أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكم، سَبَخَةً ذاتَ نَخْلٍ بين لابَتَيْن – وهما الْحَرَّتَان – فهاجَرَ مَنْ هاجَر قِبَلَ المدينة، ورجع عامَّةُ مَنْ كان بأرض الحبشة إلى المدينة، وتَجَهَّزَ أبو بكر قِبَلَ المدينة، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: على رِسْلِكَ فإني أرجو أن يُؤذَنَ لي، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم، فحَبَس أبو بكر نَفْسَه على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانتا عنده مِنْ وَرَق السَّمُر – وهو الخَبَط – أربعة أشهر» .
قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: «فبينا نحن يوماً جُلُوسٌ في بيت أبي بكر في نَحْرِ الظَّهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَقَنِّعاً، في ساعةٍ لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فِداً له أبي وأُمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أَمرٌ، قالت: فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاستأذَن، فأذِن له، فدخل، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أَخْرِج مَنْ عِندك، فقال أبو بكر: إنما هم أهلك – بأبي أنت يا رسولَ الله – قال: فإني قد أُذِنَ لي في الخروج، قال أبو بكر: الصحابة، بأبي أنتَ يا رسولَ الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قال أبو بكر: فَخُذْ – بأبي أنت يا رسولَ الله إحدى راحلَتَيَّ هاتين، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن، قالت عائشة : فجهَّزنا هما أَحَثَّ الجَهاز، ووضعنا لهما سُفْرَةً في جِرَاب، فقطَعَتْ أسماءُ بنت أبي بكر قِطْعَةً من نِطاقها، فَرَبَطَتْ به على فَمِ الجرابِ، فبذلك سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاق، قالت: ثم لَحِقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بِغَارٍ في جبل ثَور، فكَمَنَا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، وهو غلامٌ شابٌّ ثَقِفٌ لَقِن، يَدَّلج من عندهما بسَحَر، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمراً يُكادان به إلا وَعَاهُ، حتى يأتيَهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعَى عليهما عامر بن فُهَيرة – مولى أبي بكر – مِنْحَةً من غَنم، فيُريحها عليهما حين تذهب ساعةٌ من العِشاء، فيبيتان في رِسْلٍ – وهو لَبَنُ منحتِهما ورضيفُهما – حتى يَنْعِق بها عامر بن فُهيرة بِغَلَس، يفعل ذلك في كلِّ ليلةٍ من تلك الليالي الثلاث، واستأجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رَجُلاً مِنْ بني الدِّيل – وهو من بني عبد بن عديّ – هادِياً خِرِّيتاً – والخِرِّيت: الماهرُ بالهداية – قد غَمَسَ حِلْفاً في آل العاص بن وائل السَّهمي، وهو على دِين كُفَّار قريش، فأمِنَاه، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غارَ ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما، فأتاهما صُبح ثلاث، فارتحلا وانطلق معهما ابن فهيرة، والدليل الدِّيلْي، فأخذ بهم طَرِيقَ السواحل» وفي رواية «طريق السَّاحل» .
قال ابن شهاب: فأخبرني عبد الرحمن بن مالك المُدْلِجِيُّ – وهو ابن أخي سُراقة بن جُعْشُم – أن أباه أخبره: أنه سمع سُرَاقة بن جُعْشُمٍ يقول: «جاءنا رُسُل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دِيةَ كُلِّ واحد منهما من قتله أو أسره، فبينا أنا جالسٌ في مجلس قومي بني مُدْلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سُرَاقة، إني قد رأيتُ آنفاً أسْوِدَةً بالسّاحل، أُراها محمداً وأصحابه، قال سراقة: فعرفتُ أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيتَ فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا، يبتغون ضالَّةً لهم ، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قُمتُ فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أَكَمَة، فتحبسها عليَّ، وأخَذْتُ رُمْحي، فخرجت به من ظهر البيت، فخططت بزُجّهِ الأرض، وخفَضْتُ عاليَه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تُقْرِّب بي، حتى دنوتُ منهم، فعَثَرتْ بي فرسي، فَخَرَرْتُ عنها، فقمت فأهويتُ بيدي إلى كنانتي فاستخرجتُ منها الأزلام، فاستقسمتُ بها: أضُرُّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي – وعصيتُ الأزلام – تُقرِّب بي، حتى إذا سمعتُ قراءةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يُكثِر الالتفات: ساخَتْ يَدَا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زَجَرتها فَنَهضَتْ، فلم تكد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يَدَيْهَا عُثَان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمتُ بالأزلام، فخرج الذي أكره فناديتُهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي – حين لقيتُ ما لقيتُ مِنَ الحبس عنهم – أن سَيَظْهَرَ أمْرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إنَّ قومَكَ قد جعلوا فيك الدِّيَةَ – وأخبرتُهم أخبار ما يريد الناس بهم – وعَرضْتُ عليهم الزادَ والمتاع، فلم يَرْزَآني شيئاً، ولم يسألاني، إلا أن قال: أخْفِ عَنّا ما استطعتَ، فسأَلته أن يكتبَ لي كتابَ أمْنٍ، فأمر عامرَ بن فُهَيرة، فكتب لي في رُقعةٍ من أدَم، ومضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم» .
قلت: فهذا القدر الأخير ليس من مسند عائشة إنما هو من مسند سراقة. فالعجب من إيراده مع حديثها هنا، ولولا العبث في الجامع لأخرجته من هذا الموضع وميّزته، كما ميّزه ابن شهاب عند البخاري فذكر إسناد فيه لسراقة لمّا انتقل لحديثه.
قال ابن شهاب: فأخبرني عروةُ بن الزبير: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَقِيَ الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجاراً قافِلِينَ من الشام، فكسا الزبيرُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابَ بياضٍ، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرَج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يَغْدُون كل غَداة إلى الْحَرَّة فينتظرونه، حتى يردَّهم حَرُّ الظَّهيرة، فانقلبوا يوماً بعدما أطالُوا انتظارهم، فلما آوَوْا إلى بيوتهم أوفَى رَجُلٌ من يهود على أُطُمٍ من آطامهم لأمرٍ ينظر إليه، فَبَصُرَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مِبيَّضين، يزولُ بهم السراب، فلم يملك اليهوديُّ أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جَدُّكم الذي تنتظرون، قال: فثار المسلمون إلى السلاح، فَتلَقَّوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرّة، فَعَدَل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صامِتاً، فَطَفِقَ مَنْ جاء من الأنصار مِمَّن لم يَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُحيِّي أبا بكر حتى أصابت الشمسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظَلَّلَ عليه بردائه، فعرفَ الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فَلَبِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضعَ عشرةَ ليلة، وأسْسَ المسجدَ الذي أُسِّسَ على التقوى، وصَلَّى فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم ركِبَ راحِلتَهُ فسارَ يمشي معه الناسُ، حتى بَرَكَتْ عند مسجدِ الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو يُصَلِّي فيه يومئذ رِجَالٌ من المسلمين، وكان مِرْبَداً للتمر، لِسَهْل وسُهَيْل – غلامين يتيمين في حَجْرِ أسْعَدَ بن زُرارة – فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين بَرَكَتْ راحِلَتُهُ: هذا إن شاء الله المنزلُ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين، فساومهما بالمِرْبد ليتخذه مسجداً، فقالا: بل نَهَبُه لك يا رسولَ الله، فأبى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلَه منهما هِبَةً حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجداً، وطفق رسولُ اللهصلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللَّبِنَ في بنيانه، ويقول وهو ينقل اللَّبِن:
هذا الحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَرْ هذا أَبَرُّ ربَّنا وأطهر
ويقول:
اللهمَّ إنَّ الأجرَ أجرُ الآخرةْ فارحم الأنصارَ والمهاجرةْ
فتمثَّل بِشِعْرِ رجل من المهاجرين، لم يسمَّ لي. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثَّل ببيت شعر تامٍّ غيرِ هذه الأبيات. أخرجه بطوله البخاري.
وأخرج أيضاً منه طرفاً، أوله قال: «هاجَرَ إِلى الحبشة نفرٌ من المسلمين، وتجهّز أبو بكر مهاجراً، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: على رِسْلِك، فإني أرجو أن يُؤذَن لي، فقال أبو بكر: أوَ ترجوه بأبي أنت؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم» وذكر نحواً مما قَدَّمنا إلى قوله: «واستأجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رَجُلاً من بني الدِّيْل» .
وأخرج منه طرفاً آخر، قالت: «استأذن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أبو بكر في الخروج حين اشتدّ عليه الأذى، فقال له: أقِمْ، فقال: يا رسول الله، أتطمع في أن يؤذَنَ لكَ؟ فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأرجو ذلك، قالت: فانتظره أبو بكر، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ ظُهْراً، فناداه فقال له: أخرِجْ مَنْ عندك، قال أبو بكر: إنما هما ابنتاي، فقال: أشعَرْتَ أنه قد أُذِنَ لي في الخروج؟ فقال: يا رسولَ الله الصُّحْبة، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: الصحبة، فقال: يا رسولَ الله عندي ناقتان، قد كنت أعددتهما للخروج، فأعطَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم إحداهما، وهي الْجَدْعاء، فركبا فانطلقا، حتى أتيا الغار – وهو بثور – فتواريا فيه، وكان عامر بن فُهيرة غلاماً لعبد الله بن الطفيل بن سَخْبرة، أخو عائشة لأمها، وكانت لأبي بكر مِنْحةٌ، فكان يَرُوحُ بها ويغدو عليهم، ويصبح فيدَّلج إليهما، ثم يَسرَحُ، فلا يفطن له أحدٌ من الرِّعاء، فلما خرجا خرج معهما يُعقبانه، حتى قدما المدينة، فقُتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة.
قال هشام: فأخبرني أبي قال: لما قُتل الذين ببئر معونة، وأُسِرَ عمرو بن أميةَ الضَّمْري، قال له عامرُ بنُ الطفيل: مَنْ هذا؟ – وأشار إلى قتيل – فقال له عمرو بن أمية: هذا عامرُ بن فُهَيرة، فقال: لقد رأيتُه بَعدَ ما قُتِلَ رُفِعَ إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض، ثم وُضع، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم خبرُهم فنعاهم، فقال: إنَّ أصحابكم قد أُصِيبوا، وإنهم قد سألوا ربَّهم، فقالوا: ربَّنا أَخبِرْ عنّا إخوانَنا بما رضينا عنك، ورضيتَ عنا، فأخبرهم عنهم، وأُصيب فيهم يومئذ عروةُ بن أسماء بن الصلت فسمّي عروة به، ومنذر بن عمرو» .
وفي أخرى قالت: «لَقَلَّ يومٌ كان يأتي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلا يأتي فيه بَيْتَ أبي بكر أحدَ طَرَفي النهار، فلما أُذِنَ له في الخروج إلى المدينة، لم يَرُعنا إلا وقد أتانا ظهراً، فَخُبِّر به أبو بكر، فقال: ما جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا من حَدَثٍ، فلما دخل عليه قال لأبي بكر: أخْرِجْ مَنْ عندك، قال: إنما هما ابنتاي: عائشةُ وأسماء، قال: أشعَرتَ أنه قد أُذِنَ لي في الخروج؟ قال: الصحبةَ يا رسولَ الله، قال: الصحبةَ، يا رسولَ الله، إن عندي نَاقتين أعددتهما للخروج، فخذ إحداهما، قال: قد أخذتُها بالثمن».
20797 / 9204 – (خ م) البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: «جاء أبو بكر إلى أبي في منزله، فاشترى منه رَحْلاً، فقال لعازب: ابعث مَعِي ابنَكَ يحمله معي إلى منزلي، فقال لي أبي: احمله فحملته، وخرج أبي معه يَنتَقِد ثمنَه، فقال له أبي: يا أبا بكر كيف صنعتما ليلةَ سَرَيتَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أسَرْيَنا ليلتنا كلَّها، حتى قام قائمُ الظَّهيرة، وخلا الطريق فلا يمرُّ فيه أحد، حتى رُفِعَتْ لنا صَخْرةٌ طويلة لها ظِلٌّ لم تأتِ عليه الشمس بعدُ، فنزلنا عندها، فأتيتُ الصخرةَ فسوَّيتُ بيديّ مكاناً ينام فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ظِلِّها، ثم بسطتُ عليه فَروَةً، ثم قلت: نَمْ يا رسولَ الله، وأنا أنفُضُ لك ما حولَك، فنام، وخرجتُ أنْفُضُ ما حوله، فإذا أنا بِراعٍ مقبلٍ بغنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا فلقيته، فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة، فقلت: أفي غنمك لبَنٌ؟ قال: نعم، قلت: أفتحلب لي؟ قال: نعم فأخذ شاة، فقلت له: انْفُض الضَّرع من الشعر والتراب والقَذَى – قال: فرأيتُ البراءَ يضرب بيده على الأخرى ينفض – فحلب لي في قَعْبٍ معه كُثْبَةً من لبن، قال: ومعي إِداوة أَرتَوِي فيها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ليشربَ منها ويتوضأ، قال: فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فشرب منها وتوضَّأ، وكرهتُ أن أوقِظَهُ من نومه، فوقفتُ قد استيقظ، – وفي رواية: فوافقته استيقظ – فصَبَبْتُ على اللَّبَنِ من الماء حتى برد أسفَلُهُ، فقلت: يا رسولَ الله، اشربْ من هذا اللبن، قال: فشرب حتى رضيتُ، ثم قال: ألَمْ يأْنِ للرَّحيل؟ قلتُ: بلى، قال: فارتحلنا بعد ما زالتِ الشمس، وأتبَعَنَا سُراقة بنُ مالك ونحن في جَلْدٍ من الأرض، فقلت: يا رسولَ الله، أُتِينا، فقال: لا تَحْزَنْ، إنَّ الله معنا، فدعا عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فارتَطَمَتْ فَرَسُهُ إلى بطنها – أُري – فقال: إني قد علمتُ أنكما قد دعوتما عَلَيَّ، فادعوا لي، واللهُ لَكُمَا أن أُردَّ عنكما الطَلَبَ، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الله، فنجا، فرجع لا يلقَى أحداً إلا قال: كُفِيتمْ ما هاهنا، فلا يلقى أحداً إلا ردَّه، قال : وَوَفَى لنا» .
زاد في رواية: «أن سراقة قال: وهذه كِنانتي، فخذ سهماً منها، فإنك ستمرُّ على إبلِي وغلماني بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجَتَكَ، قال: لا حاجةَ لي في إبلك، فَقَدِمْنا المدينةَ ليلاً، فتنازعوا: أيُّهم ينزِل عليه رسولُ الله فقال: أنزِلُ على بني النجار أخوال عبد المطلب، أُكرِمهم بذلك، فَصَعِدَ الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرّق الغلمان والخَدَم في الطرق، ينادون: يا محمد يا رسولَ الله، يا محمد يا رسولَ الله» .
وفي رواية أخرى: «جاء محمد رسولُ الله» .
زاد في أخرى: وقال البراء: «فدخلت مع أبي بكر على أهله، فإذا عائشةُ ابنَتُهُ مُضْطجِعَةٌ، قد أصابتها حُمَّى، فرأيتُ أباها يُقَبِّل خدَّها، ويقول: كيف أنتِ يا بُنَيَّة؟» .
وفي أخرى زيادة: أن البراء قال: «قال أبو بكر – يعني لما خرج مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة – مَرَرْنَا براعٍ، وقد عَطِشَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر الصِّدِّيق: فأخذتُ قَدَحاً فحلبت فيه لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم كُثْبَةً من لَبَنٍ، فأتيته بها، فشرب حتى رَضِيتُ» . هكذا وقع مَفْصُولاً من حديث الرَّحْل. أخرجه البخاري ومسلم .
20798 / 9205 – (خ م ت) أنس بن مالك الأنصاري – رضي الله عنه – قال : قال أبو بكر: «نظرتُ إلى أقدام المشركين ونحن في الغار على رؤوسنا، فقلت: يا رسولَ الله، لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قَدَمَيه أبْصَرَنَا تحت قدميه، فقال: يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين اللهُ ثالثهما؟» . أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
20799 / 9206 – (خ) أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: «أقبَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى المدينة وهو مُرْدِفٌ أبا بكر، وأبو بكر شيخ يُعرَف، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم شابٌّ لا يُعْرَفُ، فيلقى الرجلُ أبا بكر، فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يَدَيكَ؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، فيحسِب الحاسب: إنما يعني به الطريق، وإنما يعني به سبيلَ الخير، فالتفت أبو بكر، فإذا هو بِفَارِسٍ قد لحقهم، فقال: يا رسولَ الله، هذا فارس قد لحقنا، فالتَفَتَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم اصرعْه، فصرعَتْهُ فَرَسُهُ، ثم قامت تُحَمْحِمُ، فقال: يا نبيَّ الله، مُرْنِي بما شئت، قال: تَقِفُ مكانك، لا تتركنَّ أحداً يلحق بنا، فكان أولَ النهار جاهداً على رسولِ الله صلى الله عليه وسلموآخرَه مَسلَحَةً له، فنزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جانب الحَرَّة، ثم بعث إلى الأنصار، فجاؤوا إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، فسلّموا عليهما، وقالوا: اركبا آمنين مطاعين، فركب نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وحَفُّوا دونهما بالسلاح، فقيل في المدينة: جاء نبيُّ الله، جاء نبي الله، وأشرفوا ينظرون، ويقولون: جاء نبيُّ الله فأقبل يَسِيرُ حتى نزل جانِبَ دار أبي أيوب الأنصاري فإنه لَيُحَدِّث أهله، إذ سمع به عبدُ الله بن سَلام – وهو في نخل لأهله يخترف لهم – فعجِل أن يضع الذي يخترف لهم، فجاء وهي معه، فسمع من نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا نبيَّ الله، هذه داري، وهذا بابي، قال: فانطلقْ، فهيِّئ لنا مَقيلاً، قال: قوما على بركة الله، فلما جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جاء عبدُ الله بن سلام، فقال: أشهد أنك رسولُ الله، وأنك جئت بالحق، وقد عَلِمَتْ يهودُ أني سَيِّدُهم وابنُ سيِّدِهم، وأعلمُهم وابنُ أعلمِهم، فادْعُهم، فاسألهم عَنِّي قبل أن يعلموا أنِّي قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمتُ قالوا فِيَّ ما ليس فِيَّ، فأرسل إليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلمفأقبلوا فدخلوا عليه فقال: يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسولُ الله حقاً، وأني جئتكم بحق، فأسْلِمُوا، قالوا: ما نَعلَمُهُ – قالها ثلاث مرار – قال: فأيُّ رجلٍ فيكم ابنُ سَلام؟ قالوا: ذاك سيِّدُنا وابنُ سيِّدِنا، وأعلمُنا وابنُ أعْلَمِنَا، قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشى لله، ما كان ليْسلم – قالها ثلاث مرار، وردُّوا عليه – فقال: يا ابن سلام، اخرج عليهم، فخرج عليهم، فقال: يا معشر اليهود، اتَّقُوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنهُ رسولُ الله جاء بحق، قالوا: كَذَبْتَ فأخْرَجَهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم» أخرجه البخاري.
20800 / 9207 – (خ) البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: «أول من قَدِمَ علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مُصعَب بنُ عُمَير، وابنُ أُمِّ مَكتوم، فجعلا يُقْرآننا القرآن، ثم جاء عَمَّار وبلالٌ وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم فما رأيتُ أهلَ المدينة فَرِحُوا بشيء فرَحَهم به، حتى رأيت الولائد والصبيانَ يقولون: هذا رسولُ الله قد جاء، فما جاء حتى قرأ {سَبِّح اسمَ ربِّك الأعلى} في سُوَرٍ مثلها من المفصَّل» أخرجه البخاري.
20801 / 9208 – (ت) جرير بن عبد الله – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى أوحى إِليَّ: أيَّ هؤلاء الثلاثة نزلْتَ، فهي دارُ هجرتك: المدينة، أو البحرين، أو قِنِّسرين» أخرجه الترمذي.
20802 / ز – عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، «أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً».
أخرجه الحاكم في المستدرك (4316).
20803 / ز – عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ” مَنْ يُهَاجِرُ مَعِي؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
أخرجه الحاكم في المستدرك (4325).
20804 / 9902 – عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: «وَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْحَجِّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرَ، ثُمَّ إِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَمَكْرَهُمْ حِينَ ظَنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَارِجٌ، وَعَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ مَأْوًى وَمِنْعَةً، وَبَلَغَهُمْ إِسْلَامُ الْأَنْصَارِ وَمَنْ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يَسْجِنُوهُ، أَوْ يَسْحَبُوهُ شَكَّ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ وَإِمَّا أَنْ يُخْرِجُوهُ، وَإِمَّا أَنْ يُوثِقُوهُ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكْرِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] وَبَلَغَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي أَتَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَارَ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمْ مُبَيِّتُوهُ إِذَا أَمْسَى عَلَى فِرَاشِهِ، وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْغَارِ بِثَوْرٍ، وَهُوَ الْغَارُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ، وَعَمَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَرَقَدَ عَلَى فِرَاشِهِ يُوَارِي عَنْهُ الْعُيُونَ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ يَخْتَلِفُونَ وَيَأْتَمِرُونَ أَنْ نُجَثَّمَ عَلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ فَيُوثِقَهُ؟ فَكَانَ ذَلِكَ حَدِيثَهُمْ حَتَّى أَصْبَحُوا، فَإِذَا عَلِيٌّ يَقُومُ عَنِ الْفِرَاشِ فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، فَعَلِمُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ، فَرَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَهُ، وَبَعَثُوا إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ يَأْمُرُونَهُمْ 51/6 وَيَجْعَلُونَ لَهُمُ الْجَعْلَ الْعَظِيمَ، وَأَتَوْا عَلَى ثَوْرٍ الَّذِي فِيهِ الْغَارُ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى طَلَعُوا فَوْقَهُ، وَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْوَاتَهَمْ فَأَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْهَمِّ وَالْخَوْفِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا “. وَدَعَا فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سَكِينَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40] وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ بِمَكَّةَ، فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ أَمِينًا مُؤْتَمَنًا حَسَنَ الْإِسْلَامِ فَاسْتَأْجَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْأُرَيْقِطِ كَانَ حَلِيفًا لِقُرَيْشٍ فِي بَنِي سَهْمٍ مِنْ بَنِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَذَلِكَ يَوْمَئِذِ الْعَدَوِيُّ مُشْرِكٌ، وَهُوَ هَادٍ بِالطَّرِيقِ فَخَبَّأَ بَأَظْهُرِنَا تِلْكَ اللَّيَالِيَ، وَكَانَ يَأْتِيهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ يُمْسِي بِكُلِّ خَبَرٍ يَكُونُ فِي مَكَّةَ، وَيُرِيحُ عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ الْغَنَمَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَيَحْلِبَانِ وَيَذْبَحَانِ ثُمَّ يَسْرَحُ بُكْرَةً، فَيُصْبِحُ فِي رُعْيَانِ النَّاسِ، وَلَا يَفْطِنُ لَهُ، حَتَّى إِذَا هَدَأَتْ عَنْهُمُ الْأَصْوَاتُ وَأَتَاهُمَا أَنْ قَدْ سَكَتَ عَنْهُمَا جَاءَا صَاحِبَهُمَا بِبَعِيرَيْهِمَا، وَقَدْ مَكَثَا فِي الْغَارِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ ثُمَّ انْطَلَقَا وَانْطَلَقَا مَعَهُمَا بِعَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ يَحْدِيهِمَا وَيَخْدِمُهُمَا وَيُعِينُهُمَا يُرْدِفُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَيُعْقِبُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ غَيْرَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ، وَغَيْرَ أَخِي بَنِي عَدِيٍّ يَهْدِيهِمُ الطَّرِيقَ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ كَلَامٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.
20805 / 9903 – «وَعَنْ مَارِيَةَ قَالَتْ: طَأْطَأْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى صَعِدَ حَائِطًا لَيْلَةَ فَرَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.
20806 / 9904 – وَعَنْ أَبِي مُصْعَبٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْمُغَيَّرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُونَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ بَاتَ فِي الْغَارِ أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَجَرَةً فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ الْغَارِ، فَسَتَرَتْ وَجْهَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ عَلَى وَجْهِ الْغَارِ. وَأَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ 52/6 فَوَقَفَتَا بِفَمِ الْغَارِ. وَأَتَى الْمُشْرِكُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ حَتَّى كَانُوا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا مَعَهُمْ قِسِيِّهِمْ وَعِصِيِّهِمْ، وَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَنَظَرَ فَرَأَى الْحَمَامَتَيْنِ، فَرَجَعَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَيْسَ فِي الْغَارِ شَيْءٌ رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ عَلَى فَمِ الْغَارِ، فَعَرَفْتُ أَنْ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ دَرَأَ بِهِمَا عَنْهُ، فَسَمَّتَ عَلَيْهِمَا، وَفَرَضَ جَزَاءَهُمَا، وَاتَّخَذَ فِي حَرَمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرْخَيْنِ، أَحْسَبُهُ قَالَ: فَأَصْلُ كُلِّ حَمَامٍ فِي الْحَرَمِ مِنْ فِرَاخِهِمَا».
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.
20807 / 9905 – وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينَا بِمَكَّةَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنْ ذَلِكَ جَاءَنَا فِي الظَّهِيرَةِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي وَأُمِّي مَا جَاءَ بِهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا أَمْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ؟ “. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالصَّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “الصَّحَابَةُ”. قَالَ: إِنَّ عِنْدِي رَاحِلَتَيْنِ قَدْ عَلَفْتُهُمَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا انْتِظَارًا لِهَذَا الْيَوْمِ فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَ: “بِثَمَنِهَا يَا أَبَا بَكْرٍ”، فَقَالَ: بِثَمَنِهَا بِأَبِي وَأُمِّي إِنْ شِئْتَ، قَالَتْ: فَهَيَّأْنَا لَهُمْ سُفْرَةً، ثُمَّ قَطَعَتْ نِطَاقَهَا فَرَبَطَتْهَا بِبَعْضِهِ، فَخَرَجَا فَمَكَثَا فِي الْغَارِ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْغَارَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ فِيهِ حَجَرًا إِلَّا أَدْخَلَ فِيهِ إِصْبَعَهُ ; مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَامَةٌ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ حِينَ فَقَدُوهُمَا فِي بِغَائِهِمَا، وَجَعَلُوا فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ نَاقَةٍ، وَخَرَجُوا يَطُوفُونَ فِي جِبَالِ مَكَّةَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي هُمَا فِيهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِرَجُلٍ يَرَاهُ مُوَاجِهٍ الْغَارَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَرَانَا، فَقَالَ: ” كَلَّا إِنَّ مَلَائِكَةً تَسْتُرُنَا بِأَجْنِحَتِهَا “. فَجَلَسَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَبَالَ مُوَاجِهَ الْغَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” لَوْ كَانَ يَرَانَا مَا فَعَلَ هَذَا “. فَمَكَثَا ثَلَاثَ لَيَالٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ غَنَمًا لِأَبِي بَكْرٍ وَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ مَعَ الرُّعَاةِ فِي مَرَاعِيهَا، وَيَرُوحُ مَعَهُمْ وَيُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ حَتَّى إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ بِغَنَمِهِ إِلَيْهِمَا، فَتَظُنُّ الرُّعَاةُ أَنَّهُ 53/6 مَعَهُمْ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَظَلُّ بِمَكَّةَ يَتَطَلَّبُ الْأَخْبَارَ ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ فَيُخْبِرُهُمَا، ثُمَّ يُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ يَتَطَلَّبُ الْأَخْبَارَ، ثُمَّ يَأْتِيهِمَا إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ فَيُخْبِرُهُمَا، ثُمَّ يُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، ثُمَّ خَرَجَا مِنَ الْغَارِ فَأَخَذَا عَلَى السَّاحِلِ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسِيرُ أَمَامَهُ، فَإِذَا خَشِيَ أَنْ يُؤْتَى مِنْ خَلْفِهِ سَارَ خَلْفَهُ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ مَسِيرَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مَعْرُوفًا فِي النَّاسِ، فَإِذَا لَقِيَهُ لَاقٍ، فَيَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَيَقُولُ: هَادٍ يَهْدِينِي، يُرِيدُ الْهُدَى فِي الدِّينِ، وَيَحْسَبُ الْآخَرُ دَلِيلًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَبْيَاتِ قُدَيْدٍ وَكَانَ عَلَى طَرِيقِهِمَا عَلَى السَّاحِلِ جَاءَ إِنْسَانٌ إِلَى مَجْلِسِ بَنِي مُدْلِجٍ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ رَاكِبَيْنِ نَحْوَ السَّاحِلِ، فَإِنِّي لَأَجِدُهُمَا لَصَاحِبَ قُرَيْشٍ الَّذِي تَبْغُونَ، فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ: ذَانِكَ رَاكِبَيْنِ مِمَّنْ بَعَثْنَا فِي طَلَبِةِ الْقَوْمَ، ثُمَّ دَعَا جَارِيَتَهُ فَسَارَّهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِهِ وَتَحُطَّ رُمْحَهُ وَلَا تَنْصِبَهُ حَتَّى يَأْتَيَهُ فِي قَرَارَهِ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَجِيئَهَا، فَرَكَبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فِي آثَارِهِمَا، قَالَ سُرَاقَةُ: فَدَنَوْتُ مِنْهُمَا حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَكَضَتِ الْفَرَسُ فَوَقَعَتْ بِمِنْخَرَيْهَا، فَأَخْرَجْتُ قِدَاحِي مِنْ كِنَانَتِي، فَضَرَبْتُ بِهَا أَضُرُّهُ أَمْ لَا أَضُرُّهُ؟ فَخَرَجَ لَا تَضُرُّهُ، فَأَبَتْ نَفْسِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنْهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِثْلُ مَا أَصَابَنِي نَادَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَرَى سَيَكُونُ لَكَ شَأْنٌ، فَقِفْ أُكَلِّمُكَ. فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَمَانًا، فَأَمَرَ أَنْ يَكْتُبَ فَكَتَبَ لَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، وَأَخْرَجْتُهُ وَنَادَيْتُ: أَنَا سُرَاقَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ” يَوْمُ وَفَاءٍ “، قَالَ سُرَاقَةُ: فَمَا شُبِّهَتْ سَاقُهُ فِي غَرْزِهِ إِلَّا بِجِمَارٍ. فَذَكَرْتُ شَيْئًا أَسْأَلُهُ عَنْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ ذَا نَعَمٍ، وَإِنَّ الْحِيَاضَ تُمْلَأُ مِنَ الْمَاءِ، فَنَشْرَبُ فَيَفْضُلُ مِنَ الْمَاءِ فِي الْحِيَاضِ، فَيَرِدُ الْهَمَلُ، فَهَلْ لِي فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “نَعَمْ، فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ»”. قُلْتُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ طَرَفًا مِنْ آخِرِهِ عَنْ سُرَاقَةَ.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
20808 / 9906 – وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى اسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَوْرَتِهِ يَبُولُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَرَانَا؟ قَالَ: “لَوْ رَآنَا لَمْ يَسْتَقْبِلْنَا بِعَوْرَتِهِ”. يَعْنِي وَهُوَ بِالْغَارِ».
قال الهيثميُّ : رواه ابو يعلى، وَفِيهِ مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ، وَهُوَ 54/6 مَتْرُوكٌ. وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية رقم (4292) لأبي يعلى.
وكذا في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (5/ 81): هَذَا إِسْنَادٌ ضعيف؟ لضعف موسى بن مطير بالراء المهملة.
20809 / 9907 – وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرَيْنِ، فَدَخَلَا فِي الْغَارِ فِإِذَا فِي الْغَارِ جُحْرٍ فَأَلْقَمَهُ أَبُو بَكْرٍ عَقِبَهُ حَتَّى أَصْبَحَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَيْءٌ، فَأَقَامَا فِي الْغَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى نَزَلَا بِخَيْمَاتِ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ مَعْبَدٍ إِنِّي أَرَى وُجُوهًا حِسَانًا، وَإِنَّ الْحَيَّ أَقْوَى عَلَى كَرَامَتِكُمْ مِنِّي، فَلَمَّا أَمْسَوْا عِنْدَهَا بَعَثَتْ مَعَ ابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ بِشَفْرَةٍ وُشَاةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “ارْدُدِ الشَّفْرَةَ وَهَاتِ لِي فَرَقًا” يَعْنِي الْقَدَحَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ لَا لَبَنَ فِيهَا وَلَا وَلَدَ قَالَ: “هَاتِ لِي فَرَقًا”. فَجَاءَتْهُ بِفَرَقٍ فَضَرَبَ ظَهْرَهَا فَاجْتَرَّتْ وَدَرَّتْ، فَحَلَبَ فَمَلَأَ الْقَدَحَ فَشَرِبَ وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أُمِّ مَعْبَدٍ».
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ.
20810 / 9908 – وَعَنْ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجْرٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِحِذْوَاتٍ بَيْنَ الْجُحْفَةِ وَهَرْشَا وَهُمَا عَلَى جَمَلٍ وَاحِدٍ، وَهُمَا مُتَوَجِّهَانِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَهُمَا عَلَى فَحْلِ إِبِلِهِ ابْنُ الرِّدَاءِ، فَبَعَثَ مَعَهُمَا غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: مَسْعُودٌ، فَقَالَ: اسْلُكْ بِهِمَا حَيْثُ تَعْلَمُ مِنْ مَحَارِمِ الطَّرِيقِ، وَلَا تُفَارِقْهُمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَاجَتَهُمَا مِنْكَ وَمِنْ جَمَلِكَ، فَسَلَكَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الزَّمْحَا، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الْكُويَةِ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْمُرَّةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِمَا مِنْ شُعْبَةٍ ذَاتِ كَشْطٍ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْمُدْلَجَةَ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْغَسَّانَةَ، ثُمَّ سَلَكَ ثَنِيَّةَ الْمُرَّةَ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا الْمَدِينَةَ، وَقَدْ قَضَيَا حَاجَتَهُمَا مِنْهُ وَمِنْ حَمْلِهِ، ثُمَّ رَجَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْعُودًا إِلَى سَيِّدِهِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ مُغَفَّلًا لَا يَسِمِ الْإِبِلَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ أَوْسًا أَنْ يَسِمَهَا فِي أَعْنَاقِهَا قَيْدَ الْفَرَسِ». قَالَ صَخْرُ بْنُ مَالِكٍ: وَهُوَ وَاللَّهِ يَسِمُهَا الْيَوْمَ، وَقَيَّدَ الْفَرَسَ فِيمَا أَرَى حَلَقَ حَلَقَتَيْنِ، وَمَدَّ بَيْنَهُمَا مَدًّا.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.
20811 / 9909 – وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: «لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُهَاجَرِهِ، لَقِيَ رَكْبًا فَقَالَ: “يَا أَبَا بَكْرٍ، سَلِ الْقَوْمَ مِمَّنْ هُمْ؟”. قَالُوا: مِنْ أَسْلَمَ. قَالَ: “سَلِمْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ، سَلْهُمْ مِنْ أَيِّ أَسْلَمَ؟”. قَالُوا: مِنْ بَنِي سَهْمٍ قَالَ: “ارْمِ سَهْمَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ»”.
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
20812 / ز – عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَخْفِينَ مَرَّا بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا، فَاسْتَسْقَيَاهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَاةٌ تُحْلَبُ غَيْرَ أَنَّ هَا هُنَا عَنَاقًا حَمَلَتْ أَوَّلَ الشِّتَاءِ، وَقَدِ أَخْدَجَتْ وَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ، فَقَالَ: «ادْعُ بِهَا» فَدَعَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ ضَرْعَهَا، وَدَعَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، قَالَ: وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِجَنٍّ فَحَلَبَ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ حَلَبَ فَسَقَى الرَّاعِيَ، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ، فَقَالَ الرَّاعِي: بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ، قَالَ: «أَوَ تُرَاكَ تَكْتُمُ عَلَيَّ حَتَّى أُخْبِرَكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّهُ صَابِئٌ، قَالَ: «إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ» قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَأَنَا مُتَّبِعُكَ، قَالَ: «إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ أَنِّي قَدْ ظَهَرْتُ فَأْتِنَا».
أخرجه الحاكم في المستدرك (4332).
20813 / 9910 – وَعَنْ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمَا اللِّيثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ، مَرُّوا عَلَى 55/6 خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَكَانَتِ امْرَأَةً بَرْزَةً جَلْدَةً، تَحْتَبِي بِفَنَاءِ الْقُبَّةِ، وَتُسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمَلِينَ مُسْنَتِينَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَاةٍ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ: “مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟”. قَالَتْ: خَلَّفَهَا الْجُهْدُ عَنِ الْغَنَمِ قَالَ: “فَهَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟”. قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: “أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلِبَهَا؟ “. قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، نَعَمْ، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلِبْهَا، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَدَعَا اللَّهَ فِي شَأْنِهَا، فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رُوُوا، وَشَرِبَ آخِرُهُمْ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَرَاضُوا، ثُمَّ حَلَبَ فِيهَا ثَانِيًا بَعْدَ مَدَى حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا، ثُمَّ بَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ، وَلَا حَلُوبَةَ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ. قَالَتْ: رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ،56/6 حَسَنَ الْخُلُقِ لَمْ تُعِبْهُ ثَجْلَةٌ، وَلَمْ تَزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ، وَأَبْهَى مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْلَاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ فَصْلٌ لَا هَذْرَ وَلَا نَزْرَ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنْحَدِرْنَ رَبْعٌ، لَا يَيْأَسُ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحْفَوْنَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا أَمْرَهُ، مَحْقُودٌ مَحْسُودٌ لَا عَابِسٌ وَلَا مُفْنِدٌ. قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ بِمَكَّةَ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ قَلَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ.
هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ لَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
فَيَا لِقَصِيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا تُجَارَى وَسُؤْدَدِ
لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِـــمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَـــــتْ عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبَدِ
فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِـــــــبٍ يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ
فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِذَلِكَ شَبَّ يُجِيبُ الْهَاتِفَ، وَهُوَ يَقُولُ.
لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ وَقَدَّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وِيَغْتَدِي
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَّلَتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدِّدِ
هُدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَبْتَغِي الْحَقَّ يَرْشُدِ 57/6
وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عَمَايَتُهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ؟
وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ.
نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ
وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ
لِيَهْنَ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ
لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ»
وَقَالَ لَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ مُكْرَمٍ: فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَهُوَ الطُّولُ. وَالصَّوَابُ: صَحَلٌ، وَهِيَ الْبَحَّةُ. وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ: لَا يَأَسَ مِنْ طُولٍ، وَالصَّوَابُ: لَا يَتَشَنَّى مِنْ طُولٍ. وَقَالَ لَنَا عَنْ مَكْرُمٍ: لَا عَايِسٌ وَلَا مُفْنِدٍ يَعْنِي: لَا عَابِسٌ، وَلَا مُكَذِّبٌ.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ. وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْطٍ ذَكَرْتُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم. والحديث في المستدرك (4274).
20814 / ز – الْبَرَاءَ، يَقُولُ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا… وذكر الحديث … ثم قال: وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ، أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ» ، فَخَرَجَ النَّاسُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي الطُّرُقِ، وَعَلَى الْبُيُوتِ مِنَ الْغِلْمَانِ وَالْخَدَمِ يَقُولُونَ جَاءَ مُحَمَّدٌ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ، فَنَزَلَ حَيْثُ أُمِرَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] قَالَ: وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الْيَهُودُ: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] ، قَالَ: وَصَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَخَرَجَ بَعْدَمَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ الْبَرَاءُ: وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، فَقُلْنَا: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: هُمُ الْآنَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلَالٌ، ثُمَّ أَتَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُمْ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ خَرَجْنَا نَلْقَى الْعِيرَ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حَذِرُوا
20815 / 9910/4294– عن الْحَسَنِ: أنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ قُرَيْشًا جَعَلَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ، إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ جَعَلَتْ فِيهِمَا قُرَيْشٌ مَا جَعَلَتْ، قريبان مِنْكَ فِي مَكَانِ كَذَا، قَالَ: فَأَتَيْتُ فَرَسِي وَهُوَ فِي الْمَرْعَى، فَنَفَرْتُ بِهِ، ثُمَّ أَخَذْتُ رُمْحِي، فَرَكِبْتُهُ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَجْرَ الرُّمْحِ مخافة أَنْ يَشْرَكَنِيَ فيهما أَهْلُ الْمَاءِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْه: بَاغٍ يَبْغِينَا، قَالَ: فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ، قَالَ: فَوَحَلَ بِي فَرَسِي، وَإِنِّي لَفِي جَلد ٍ مِنَ الْأَرْضِ، فوقفت عَلَى حَجَرٍ، فانفلت، فَقُلْتُ: ادْعُ الَّذِي فَعَلَ مَا أَرَى أَنْ يُخَلِّصَهُ، وعاهده ألا يَعْصِيَهُ أَبَدًا، قَالَ: فَدَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، فَخَلَّصَ الْفَرَسَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: أواهبه أَنْتَ لِي؟ قَالَ: نعم، فقال: ها هنا، عمِّ عن النَّاسِ. وَأَخَذَ السَّاحِلَ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ، قَالَ: فَكُنْتُ لَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ طالبا وآخر الليل لَهُمْ مَسْلَحَةً. وَقَالَ لي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَقْرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْتِيَنَا فَأْتِنَا. فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَظَهَرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، وَأَسْلَمَ مَنْ حَوْلَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: وقد بلغني أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رَضِيَ الله عَنْه إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ، أَتَيْتُهُ …
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَاضِيَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ. عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية رقم (4294) لأبي بكر.
وتمامه كما في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (7/ 96): وَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُرِيدَ أَنْ يبعث خالد بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى بْنِي مُدْلِجٍ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ النِّعْمَةَ. فَقَالَ الْقَوْمُ: مَهْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مالك بن الحويرث: دعوه ما يُرِيدَ؟ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَبْعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى قَوْمِي فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تُوَادِعَهُمْ فَإِنْ أَسْلَمَ قَوْمُهُمْ أَسْلَمُوا مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا لَمْ يَحْصُرْ صُدُورُ قُوْمِهِمْ عَلَيْهِمْ. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ مَعَهُ فَاصْنَعْ مَا أَرَاكَ. فَذَهَبَ مَعَهُ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُعِينُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فإن أسلمت قريشا أَسْلَمُوا مَعَهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كما كفروا} حَتَّى بَلَغَ {إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم} إلى قوله {كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها … } قَالَ الْحَسَنُ: فَالَّذِينَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ هُمْ بَنُو مُدْلِجٍ فَمَنْ وَصَلَ إِلَى بَنِي مُدْلِجٍ مِنَ غَيْرِهِمْ كَانَ فِي مِثْلِ عَهْدِهِمْ “.
رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ: ثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ … فَذَكَرَهُ.
قُلْتُ: رَوَى الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ.
20816 / ز – عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَارِ مُهَاجِرًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مُرْدِفُهُ أَبُو بَكْرٍ وَخَلْفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيُّ فَسَلَكَ بِهِمَا أَسْفَلَ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ مَضَى بِهِمَا حَتَّى هَبَطَ بِهِمَا عَلَى السَّاحِلِ أَسْفَلَ مِنْ عُسْفَانَ، ثُمَّ اسْتَجَازَ بِهِمَا عَلَى أَسْفَلَ أَمَجَ، ثُمَّ عَارَضَ الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ قُدَيْدًا، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْحِجَازَ، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الْمِرَارِ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْحَفْيَاءَ، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا مُدْلِجَةَ لِقْفٍ، ثُمَّ اسْتَبْطَنَ بِهِمَا مُدْلِجَةَ مَجَاحٍ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا مَذْحِجَ، ثُمَّ بِبَطْنِ مَذْحِجَ مِنْ ذِي الْغُصْنِ، ثُمَّ بِبَطْنِ ذِي كَشْدٍ، ثُمَّ أَخَذَ الْجُبَاجِبَ، ثُمَّ سَلَكَ ذِي سَلْمٍ مِنْ بَطْنٍ أَعْلَى مُدْلِجَةَ، ثُمَّ أَخَذَ الْقَاحَةِ ثُمَّ هَبَطَ الْعَرْجِ، ثُمَّ سَلَكَ ثَنِيَّةَ الْغَائِرِ، عَنْ يَمِينِ رُكُوبِهِ، ثُمَّ هَبَطَ بَطْنَ رِيمٍ فَقَدِمَ قُبَاءَ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ».
أخرجه الحاكم في المستدرك (4331).
20817 / 9910/4291– عن ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَلَمَّا انْطَلَقَ سُرَاقَةُ رَاجِعًا مِنْ طَلَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلَبِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْه، جَعَلَ يَذْكُرُ مَا رَأَى مِنَ الْفَرَسِ وَيُذْكَرُ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْجَهْدِ فِي طَلَبِهِمَا، فَسَمِعَ أَبُو جَهْلٍ بِذَلِكَ، فَخَشِيَ أَنْ يُسْلِمَ حين رأى ما رأى، فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا:
البحر الطويل
(بَنِي مُدْلِجٍ إِنِّي أَخَافُ سَفِيهَكُمْ سُرَاقَةَ يَسْتَغْوِي لِنَصْرِ مُحَمَّدِ)
(عَلَيْكُمْ به ألا يفرق جَمْعَكُمْ فَيُصْبِحَ شَتَّى بَعْدَ عَزٍّ وَسُؤْدُدِ)
(يَظُنُّ سَفِيهُ الْحَيِّ جَاءَ نسهه عَلَى وَاضِحٍ مِنْ شبهة الحق مهتد)
(وأَنَّى يَكُونُ الْحَقُّ مَا قَالَ إِذ غَدَا وَلَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ الْسوددِ)
(وَلَكِنَّهُ وَلَّى غَرِيبًا بسُخْطِةٍ إلى يثرب منا، فيا بُعْدَ مَوْلِدِ)
(وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ يثرب هاربا لأسحاه وَقْعُ الْمَشْرَفِيِّ الْمُهَنَّدِ)
فَأَجَابَهُ سُرَاقَةُ فِيمَا قَالَ، فقال:
(أبا الحكم وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا لِأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسِيخُ قَوَائِمُهْ)
(عَجِبْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا أَتَانَا بِبُرْهَانٍ فَمَنْ ذَا يُكَاتِمُهْ)
(عَلَيْكَ فَكُفَّ الْقَوْمَ عَنْهُ فَإِنَّنِي (أَرَى أَمْرَهُ يَوْمًا) ستبدو مَعَالِمُهْ)
(بِأَمْرٍ يَوَدُّ النصر فيه ويالها لو أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ طُرًّا يسَالِمُهْ).
عزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (4291) لإسحاق.
ولم اقف عليه في الاتحاف.
20818 / 9911 – وَعَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: «لَمَّا انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَخْفِيَانِ نَزَلَا بِأَبِي مَعْبَدٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا شَاةٌ، وَإِنَّ شَاءَنَا لِحَوَامِلُ فَمَا بَقِيَ لَنَا لَبَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَبُهُ: ” فَمَا تِلْكَ الشَّاةُ؟”. فَأَتَى بِهَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ عَلَيْهَا ثُمَّ حَلَبَ عُسًّا فَسَقَاهُ ثُمَّ شَرِبُوا، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّكَ صَابِئٌ؟ قَالَ: “إِنَّهُمْ يَقُولُونَ”. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَتَّبِعُكَ؟ قَالَ: “لَا، حَتَّى تَسْمَعَ أَنَّا قَدْ ظَهَرْنَا”. فَاتَّبَعَهُ بَعْدُ».
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وعزاه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية رقم (4295) لأبي يعلى.
قال في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (7/ 97): هذا بإسناد صحيح.
20819 / 9912 – وَعَنْ فَائِدٍ مَوْلَى عَبَادِلَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى ابْنِ سَعْدٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ أَتَانَا ابْنُ سَعْدٍ، وَسَعْدٌ الَّذِي دَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقِ رَكُوبِهِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَخْبِرْنِي مَا حَدَّثَكَ أَبُوكَ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُمْ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَتْ 58/6 لِأَبِي بَكْرٍ عِنْدَنَا بِنْتٌ مُسْتَرْضَعَةٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ الِاخْتِصَارَ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: هَذَا الْغَائِرُ مِنْ رَكُوبِهِ، وَبِهِ لِصَّانِ مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُمَا: الْمُهَانَانِ، فَإِنْ شِئْتَ أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “خُذْ بِنَا عَلَيْهِمَا”، قَالَ سَعْدٌ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا إِذَا أَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: هَذَا الْيَمَانِيُّ، فَدَعَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَا ثُمَّ سَأَلَهُمَا عَنْ أَسْمَائِهِمَا، فَقَالَا: نَحْنُ الْمُهَانَانِ قَالَ: “بَلْ أَنْتُمَا الْمُكَرَّمَانِ”. وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقْدَمَا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا ظَاهِرَ قُبَاءَ فَتَلَقَّى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “أَيْنَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ؟”. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ: إِنَّهُ قَدْ أَصَابَ قَبْلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرَهُ بِكَ؟ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا طَلَعَ عَلَى النَّخْلِ فَإِذَا الشَّرْبُ مَمْلُوءٌ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: “يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا الْمَنْزِلُ رَأَيْتُنِي أَنْزِلُ إِلَى حِيَاضٍ كَحِيَاضِ بَنِي مُدْلِجٍ»”.
رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ. وَابْنُ سَعْدٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
20820 / 9913 – وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ مَالَهُ كُلَّهُ، وَكَانَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَانْطَلَقَ بِهَا مَعَهُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قَالَتْ: قُلْتُ: كَلَّا يَا أَبَتِ، قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرًا، قَالَتْ: فَأَخَذْتُ أَحْجَارًا فَجَعَلْتُهَا فِي كُوَّةٍ فِي الْبَيْتِ كَانَ أَبِي يَجْعَلُ فِيهَا مَالَهُ، ثُمَّ جَعَلْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: ضَعْ يَا أَبَتِ يَدَكَ عَلَى هَذَا الْمَالِ، قَالَتْ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ إِنْ كَانَ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا لَقَدْ أَحْسَنَ، وَفِي هَذَا لَكُمْ بِلَاغٌ، قَالَتْ: وَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُسْكِنَ الشَّيْخَ بِذَلِكَ.
قال الهيثميُّ : رواه أحمد، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ.
20821 / 9914 – وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ يَعْرِفُ فِي الطَّرِيقِ لِاخْتِلَافِهِ بِالشَّامِ فَكَانَ يَمُرُّ بِالْقَوْمِ، فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا يَهْدِينِي، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ بَعَثَ 59/6 إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ وَأَصْحَابِهِ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالُوا: ادْخُلَا آمِنِينَ مُطَاعِينَ، فَدَخَلَا» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قال الهيثميُّ : رواه أحمد، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
20822 / 9915 – وَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” «أَرَأَيْتَ دَارَ هِجْرَتِكُمْ سَبْخَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيْ حَرَّةَ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ هَجَرَ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ يَثْرِبَ “. قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْتُ قَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَهُ، وَصَدَّنِي فِتْيَانٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَعَلْتُ لَيْلَتِي تِلْكَ أَقُومُ وَلَا أَقْعُدُ، فَقَالُوا: قَدْ شَغَلَهُ اللَّهُ عَنْكُمْ بِبَطْنِهِ، وَلَمْ أَكُنْ شَاكِيًا، فَنَامُوا، فَخَرَجْتُ فَلَحِقَنِي مِنْهُمْ نَاسٌ بَعْدَ مَا سِرْتُ يُرِيدُونَ رَدِّي، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ أَوَاقَ مِنْ ذَهَبٍ وَحُلَّةً سِيَرَاءَ بِمَكَّةَ، وَتُخَلُّونَ سَبِيلِي وَتُوَثِّقُونَ لِي، فَفَعَلُوا فَتَبِعْتُهُمْ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْتُ: احْفِرُوا تَحْتَ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، فَإِنَّ تَحْتَهَا الْأَوَاقَ، وَاذْهَبُوا إِلَى فُلَانَةَ بِآيَةِ كَذَا وَكَذَا فَخُذُوا الْحُلَّتَيْنِ، وَخَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَاءً قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهَا فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: ” يَا أَبَا يَحْيَى، رَبِحَ الْبَيْعُ ” ثَلَاثًا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سَبَقَنِي إِلَيْكَ أَحَدٌ، وَمَا أَخْبَرَكَ إِلَّا جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ. قُلْتُ: وَلِصُهَيْبٍ حَدِيثٌ آخَرُ سَهَوْتُ عَنْهُ يَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ.
20823 / 9916 – وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هُوَ مَكَانُهُ، وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
20824 / 9917 – وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «كُنَّا قَدِ اسْتَبْطَأْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُدُومِ عَلَيْنَا، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَفِدُونَ إِلَى ظَهْرِ الْحَرَّةِ فَيَجْلِسُونَ حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ، فَإِذَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَحَمِيَتِ الشَّمْسُ رَجَعَتْ إِلَى مَنَازِلِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: كُنَّا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ أَوْفَى عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، هَذَا صَاحَبُكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ الْوَجْبَةَ فِي بَنَى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمُسْلِمُونَ قَدْ لَبِسُوا السِّلَاحَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ الْقَوْمِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو 60/ 6 بْنِ عَوْفٍ».
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ.
20825 / ز – عن مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، قَالَ: ذَكَرَ رِجَالٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَأَنَّهُمْ فَضَلُّوا عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، وَلَيَوْمٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، لَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَنْطَلِقَ إِلَى الْغَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَاعَةً خَلْفَهُ حَتَّى فَطِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا لَكَ تَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيْ وَسَاعَةً خَلْفِي؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَذَكُرُ الطَّلَبَ فَأَمْشِي خَلْفَكَ، ثُمَّ أَذَكَرُ الرَّصْدَ، فَأَمْشِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ بِكَ دُونِي؟» قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا كَانَتْ لِتَكُونَ مِنْ مُلِمَّةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِي دُونَكَ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الْغَارِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَتَّى أَسْتَبْرِئَ لَكَ الْغَارَ، فَدَخَلَ وَاسْتَبْرَأَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي أَعْلَاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئِ الْحُجْرَةَ، فَقَالَ: مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَتَّى أَسْتَبْرِئَ الْحُجْرَةَ، فَدَخَلَ وَاسْتَبْرَأَ، ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَزَلَ، فَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِتِلْكَ اللَّيْلَةُ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ.
أخرجه الحاكم في المستدرك (4327).
20826 / 9918 – وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: اجْتَمَعْنَا لِلْهِجْرَةِ أَوْعَدْتُ أَنَا وَعِيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ الْمَيْضَاةَ – مَيْضَاةَ بَنِي غِفَارٍ – فَوْقَ شُرَفٍ، وَقُلْنَا: أَيُّكُمْ لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا، فَقَدِ احْتُبِسَ، فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ، فَحُبِسَ عَنَّا هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَنْزِلَنَا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَخَرَجَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ ابْنُ عَمِّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمِّهِمَا حَتَّى قَدِمَا عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ فَكَلَّمَاهُ، فَقَالَا لَهُ: إِنَّ أُمَّكَ نَذَرَتْ أَنْ لَا تَمَسَّ رَأْسَهَا مُشْطٌ حَتَّى تَرَاكَ، فَرَقَّ لَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَيَّاشُ، وَاللَّهِ إِنْ يَرُدَّكَ الْقَوْمُ إِلَّا عَنْ دِينِكَ، فَاحْذَرْهُمْ، فَوَاللَّهِ لَوْ قَدْ آذَى أُمَّكَ الْقَمْلُ لَامْتَشَطَتْ، وَلَوْ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهَا حَرُّ مَكَّةَ – أَحْسَبُهُ قَالَ – لَامْتَشَطَتْ قَالَ: إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالًا فَآخُذُهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، فَلَكَ نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا، فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا أَبَى عَلَيَّ: أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ ; فَإِنَّهَا نَاقَةٌ ذَلُولٌ فَالْزَمْ ظَهْرَهَا، فَإِنْ رَابَكَ مِنَ الْقَوْمِ رَيْبٌ، فَأَنِخْ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ مَعَهُمَا عَلَيْهَا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَبْطَأْتُ بَعِيرِي هَذَا، أَفَلَا تَحْمِلُنِي عَلَى نَاقَتِكَ هَذِهِ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَنَاخَ وَأَنَاخَا لِيَتَحَوَّلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَوْا بِالْأَرْضِ عَدَّيَا عَلَيْهِ، فَأَوْثَقَاهُ ثُمَّ أَدْخَلَاهُ مَكَّةَ، وَفَتَنَاهُ فَافْتُتِنَ قَالَ: فَكُنَّا نَقُولُ: وَاللَّهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِمَّنِ افْتُتِنَ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَلَا يَقْبَلُ تَوْبَةَ قَوْمٍ عَرَفُوا اللَّهَ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْكُفْرِ ; لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ، وَفِي قَوْلِنَا لَهُمْ، وَقَوْلِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55]، قَالَ عُمَرُ: فَكَتَبْتُهَا فِي صَحِيفَةٍ وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ، قَالَ هِشَامٌ: فَلَمْ أَزَلْ أَقْرَؤُهَا بِذِي طُوَى أَصْعَدُ بِهَا فِيهِ حَتَّى فَهِمْتُهَا قَالَ: فَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا، وَفِيمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ.
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
20827 / 9919 – وَعَنْ 61/6 عُرْوَةَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعِيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ فِي أَصْحَابٍ لَهُمْ فَنَزَلُوا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَطَلَبَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَهُوَ أَخُوهُمَا لِأُمِّهِمَا فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَذَكَرَا لَهُ حُزْنَ أُمِّهِ، فَقَالَا: إِنَّهَا حَلَفَتْ أَنْ لَا يُظِلَّهَا بَيْتٌ، وَلَا يَمَسَّ رَأْسَهَا دُهْنٌ حَتَّى تَرَاكَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ نَطْلُبْكَ، فَنُذَكِّرْكَ اللَّهَ فِي أُمِّكَ، وَكَانَ بِهَا رَحِيمًا، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ حُبِّهَا إِيَّاهُ وَرِقِّهَا – يَعْنِي عَلَيْهِ – مَا كَانَ يُصَدِّقُهُمَا بِهِ، فَرَقَّ لَهَا لِمَا ذَكَرُوا لَهُ وَأَبَى أَنْ يَتْبَعَهُمَا حَتَّى عَقَدَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فَلَمَّا خَرَجَ مَعَهُمَا، أَوْثَقَاهُ فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ مُوَثَّقًا حَتَّى خَرَجَ مَعَ مَنْ خَرَجَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا لَهُ بِالْخَلَاصِ وَالْحِفْظِ.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ مُرْسَلًا، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلًا، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
20828 / 9920 – «وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: لَيْسَ لِمَنِ افْتُتِنَ تَوْبَةٌ إِذَا تَرَكَ دِينَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَمَعْرِفَتِهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55] فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي، ثُمَّ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، قَالَ هِشَامٌ: فَلَمَّا جَاءَتْنِي صَعَدْتُ بِهَا كَذَا أُصَوِّتُ بِهَا وَأَقُولُ فَلَا أَفْهَمُهَا، فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِينَا وَمَا كُنَّا نَقُولُ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي ثُمَّ لَحِقْتُ بِالْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ بِالْهِجْرَةِ، وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدِمُوا إِرْسَالًا، وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِجْرَةِ فَقَالَ: ” لَا تَعْجَلْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَكَ صَاحِبًا “. فَطَمِعَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي نَفْسَهُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ أَعَدَّ لِذَلِكَ رَاحِلَتَيْنِ يَعْلِفُهُمَا فِي دَارِهِ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشِيرٍ الدِّمَشْقِيِّ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
20829 / 9921 – وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَزْعُمُ أَنِّي هَاجَرْتُ قَبْلَ أَبِي، إِنَّمَا قَدَّمَنِي فِي ثِقَلِهِ.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
20830 / 9922 – وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبَاءٍ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ هَدْمِ أَخِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَيُقَالُ: بَلْ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، فَأَقَامَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ الْكُبْرَى فِي الْمَسْجِدِ بِبَطْنِ الْوَادِي». قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: «ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ 62/6صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي أَيُّوبَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ مَسْجِدِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
20831 / 9923 – وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وهو في المستدرك (5774).
20832 / 9924 – وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَاسْتَنَاخَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ بَيْنَ دَارِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَدَارِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، فَأَتَاهُ النَّاسُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْمَنْزِلُ، فَانْبَعَثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ: “دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ”. ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ حَتَّى جَاءَتْ بِهِ مَوْضِعَ الْمِنْبَرِ فَاسْتَنَاخَتْ بِهِ ثُمَّ تَجَلْجَلَتْ، وَلِنَاسٍ ثَمَّ عَرِيشٌ كَانُوا يَرُشُّونَهُ وَيُعَمِّرُونَهُ وَيَتَبَرَّدُونَ فِيهِ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَآوَى إِلَى الظِّلِّ فَنَزَلَ فِيهِ فَأَتَاهُ أَبُو أَيُّوبَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْزِلِي أَقْرَبُ الْمَنَازِلِ إِلَيْهِ فَانْقُلْ رَحْلَكَ قَالَ: “نَعَمْ”. فَذَهَبَ بِرَحْلِهِ إِلَى الْمَنْزِلِ ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزِلْ عَلَيَّ، فَقَالَ: ” إِنَّ الرَّجُلَ مَعَ رَحْلِهِ حَيْثُ كَانَ “. وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَرِيشِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ لَيْلَةً حَتَّى بَنَى الْمَسْجِدَ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ صِدِّيقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لَيْسَ بِالْحُجَّةِ.
20833 / 9925 – وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى حُبَيْبٍ، وَيُقَالُ: خُبَيْبُ – ابْنُ يَسَافِ – أَخِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسُّنْحِ. وَيُقَالُ: بَلْ نَزَلَ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
20834 / 9926 – وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ هَاجَرَ، وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى الْهِجْرَةِ كَرِهَتِ امْرَأَتُهُ ذَلِكَ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَجَعَلَتْ تُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى غَيْرِهِ، فَهَاجَرَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ مُكْتَتِمًا مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَثَبَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَبَاعَ دَارَهُ بِمَكَّةَ فَمَرَّ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ ابْنُ هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ، وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبَدِ الْعُزَّى، وَفِيهَا أُهُبٌ مَعْطُونَةٌ، فَذَرَفَتْ عَيْنَا عُتْبَةَ، وَتَمَثَّلَ بِبَيْتٍ مِنْ شِعْرٍ:
وَكُلُّ دَارٍ وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهَا يَوْمًا سَيُدْرِكُهَا النَّكْبَاءُ وَالْحُوبُ. 63/6
قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَأَقْبَلَ عَلِيَّ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: هَذَا مَا أَدْخَلْتُمْ عَلَيْنَا فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ قَامَ أَبُو أَحْمَدَ يَنْشُدُ دَارَهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَامَ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ فَانْتَحَاهُ، فَسَكَتَ أَبُو أَحْمَدَ عَنْ نَشِيدِ دَارِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ يَقُولُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ:
حَبَّذَا مَكَّةَ مِنْ وَادِي بِهَا أَمْشِي بِلَا هَادِي
بِهَا يَكْثُرُ عُوَّادِي بِهَا تَرْكِزُ أَوْتَادِي»
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
20835 / 9927 – «وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قُدُومُنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ خَرَجْنَا مُتَوَصِّلِينَ مَعَ قُرَيْشٍ عَامَ الْأَحْزَابِ، وَأَنَا مَعَ أَخِي الْفَضْلِ، وَمَعَنَا غُلَامُنَا أَبُو رَافِعٍ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْعَرْجِ، فَضَلَّ لَنَا فِي الطَّرِيقِ رَكُوبَةٌ وَأَخَذْنَا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ عَلَى الْجَثْجَاثَةِ حَتَّى خَرَجْنَا عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَنْدَقِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَأَخِي ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَكِلَاهُمَا لَمْ يُوَثَّقْ وَلَمْ يُضَعَّفْ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
20836 / 9928 – «وَعَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلُوا عَلَى الْغَارِ وَأَدْبَرُوا قَالَ: وَاصُهَيْبَاهُ وَلَا صُهَيْبَ لِي، فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُرُوجَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِلَى صُهَيْبٍ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَجَدَتْهُ يُصَلِّي، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ، فَقَالَ: “أَصَبْتَ”. وَخَرَجَا مِنْ لَيْلَتِهِمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَا خَرَجَ حَتَّى إِذَا أَتَى أُمَّ رُومَانَ زَوْجَةَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: أَلَا أَرَاكَ هَاهُنَا وَقَدْ خَرَجَ أَخَوَاكَ وَوَضَعْنَا لَكَ شَيْئًا مِنْ أَزْوَادِهِمَا؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى زَوْجَتِي أُمِّ عَمْرٍو، فَأَخَذَتْ سَيْفِي وَجُعْبَتِي وَقَوْسِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَأَجِدُهُ وَأَبَا بَكْرٍ جَالِسَيْنِ، فَلَمَّا رَآنِي أَبُو بَكْرٍ قَامَ إِلَيَّ فَبَشَّرَنِي بِالْآيَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِيَّ وَأَخَذَ بِيَدِي، فَلُمْتُهُ بَعْضَ اللَّائِمَةِ فَاعْتَذَرَ، وَرَبَّحَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” رَبِحَ الْبَيْعُ»”.
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.64/6
20837 / ز – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ” شَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ، وَلَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْبَسَهُ بُرْدَةً، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ عَلِيًّا، وَيَرَوْنَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ لَبِسَ بُرْدَةً، وَجَعَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتَضَوَّرُ، فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ فَقَالُوا: إِنَّكَ لَلَئِيمٌ إِنَّكَ لَتَتَضَوَّرُ، وَكَانَ صَاحِبُكَ لَا يَتَضَوَّرُ وَلَقَدِ اسْتَنْكَرْنَاهُ مِنْكَ.
أخرجه الحاكم في المستدرك (4322).