1332/ 4241 – ( ه – جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه) قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَى صَخْرَةٍ، فَأَتَى نَاحِيَةَ مَكَّةَ، فَمَكَثَ مَلِيًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَجَدَ الرَّجُلَ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ، فَقَامَ فَجَمَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ» ثَلَاثًا «فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». أخرجه ابن ماجه.
1333/ 84 – (خ م س) أنس بن مالك – رضي الله عنه – جاء ثلاثةُ رَهْطٍ إلى بُيوت أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي – صلى الله عليه وسلم، فلما أُخْبِروا كأنَّهم تَقَالُّوها، قالوا: فأينَ نَحنُ مِن رسول الله – صلى الله عليه وسلم، وقد غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؟ قال أحدُهم: أمَّا أنا فأصَلِّي اللَّيلَ أبدًا، وقال الآخرُ: وأنا أصُومُ الدَّهرَ ولا أفُطِرُ، وقالَ الآخرُ: وأنا أعْتَزِلُ النِّساءَ ولا أتَزَوَّجُ أبدًا، فجاءَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: «أنتم الذين قُلتم كذا وكذا؟ أمَا والله، إنِّي لأخْشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصُومُ وأفْطِرُ، وأصَلِّي وأرْقُدُ، وأتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَن رغِبَ عَنْ سُنَّتِي فليس منِّي» . أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه النسائي، وهذا لفظه: أنَّ نَفرًا من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتَزَوَّجُ النساء ، وقال بعضهم: لا آكُلُ اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم: أصومُ ولا أفْطِرُ، فبلغ ذلك رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله وأثْنَى عليه، ثم قال: «ما بَالُ أقوامٍ يقولون كذا وكذا؟ لكني أصلِّي وأنامُ، وأصومُ وأفطِرُ، وأتَزَوَّجُ النساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عن سُنَّتي فليس مني» .
1334/ 85 – (خ م) عائشة – رضي الله عنها – قالت: صَنَعَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم شيئًا فرَخَّصَ فيه، فتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فبَلَغَ ذلك رسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم، فَخَطَبَ، فَحَمِدَ الله وأثْنَى عليه ، ثمَّ قال: «ما بالُ أقْوَامٍ يَتَنَزَّهونَ عن الشيء أصْنَعُهُ، فوَاللهِ إنِّي لأعْلَمُهُم بِاللهِ، وأشَدُّهُم لهُ خَشْيَةً» . أخرجه البخاري ومسلم .
1335/ 86 – (د) عائشة – رضي الله عنها – قالت: بَعَثَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم إلى عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ: «أرَغْبَةً عَن سُنَّتي؟» فقال: لا، والله يا رسول الله ولكن سُنَّتَكَ أطْلُبُ، قال: «فإنِّي أنامُ، وأصَلِّي، وأصُومُ، وأفْطِرُ، وأنْكِحُ النِّسَاءَ، فاتَّقِ الله يا عُثمانُ، فإنَّ لأهْلِكَ عليك حقًّا، وإنَّ لِنَفْسِكَ عليك حقًّا، فَصُم وأفْطِر، وصَلِّ ونَمْ» . أخرجه أبو داود. ووَجدتُ في كتاب رزين زيادةً لم أجدها في الأصول، وهي: قالت عائشة: وكان حَلَفَ أنْ يَقُومَ الليلَ كلَّهُ، ويصومَ النهار، ولا ينكح النساءَ، فسألَ عن يمينه، فنَزَل {لا يُؤاخِذُكُم اللَّهُ باللَّغْوِ في أيْمَانِكُم} البقرة: الآية . وفي رواية أنه هو الذي سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم عما نواه، قبل أن يَعزِمَ، وهو أصحُّ. ووجدتُ له فيه عن عائشة قالت: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم إذا أمرَهُم أمرهم من العَمَلِ بما يُطِيقُون، قالوا: لَسنا كهيئتِك، إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد غفر لك ما تَقَدَّمَ من ذنبك وما تأخَّر، فيغضبُ، حتى يُعْرَفَ الْغَضَبُ في وجهه، ثم يقول: «إنَّ أتقاكم وأعلمكم بالله أنا » .
1336/ 87 – (خ م د س) عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: «أُخْبِرَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم: أنِّي أقُولُ: والله لأصُومَنَّ النَّهارَ، ولأقُومَنَّ اللَّيلَ ما عِشْتُ، فقالَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم: «أنت الَّذي تَقُولُ ذلك؟» فقلت له: قد قلتُه، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: «فإنك لا تَسْتطيعُ ذلك، فَصُمْ وأفْطِرْ، ونَمْ، وقُمْ، وصُمْ من الشَّهرِ ثلاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بعشْرِ أمثالها، وذلك مِثْلُ صيام الدَّهر» ، قُلتُ: إنِّي أطِيقُ أفْضَلَ من ذلك، قال: «فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومَينِ» ، قلت: فإنِّي أطيقُ أفضلَ من ذلك، قال: «فصُم يومًا وأفطِر يومًا، فذلك صيام دَاودَ عليه السلام، وهو أعدلُ الصيام» – وفي رواية: أفضَلُ الصيام – قُلتُ: فإني أطيقُ أفضلَ من ذلك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «لا أفْضَلَ من ذلك» .
زاد في رواية، قال عبد الله بن عمرو، لأنْ أكونَ قبلتُ الثَّلاثة الأيام التي قالَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم، أحبُّ إليَّ من أهلي ومالي» . وفي رواية أخرى: قال: قال لي رسول الله: «ألَمْ أخْبَرْ أنك تَصومُ النهار، وتقوم الليل؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: «فلا تَفْعَلْ، صُمْ وأفطِرْ، ونَم وقُم، فإنَّ لِجسدِك عليك حقًّا، وإنَّ لِعَينِكَ عليك حقًّا، وإنَّ لزوجِك عليك حقًّا، وإنَّ لزوْرِك عليك حقًّا، وإنَّ بحَسْبِك أن تصُومَ من كل شهر ثلاثة أيام، فإنَّ لك بكُلِّ حسَنَةٍ عشرَ أمثالها، فإذًا ذلك صيامُ الدَّهر» . فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قلتُ: يا رسول الله: إنِّي أجدُ قُوَّةً، قال: «صُمْ صيامَ نبي الله داود عليه السلام، لا تَزِدْ عليه» . قلت: وما كان صيام داود؟ قال: «نصف الدهر» . فكان عبدُ الله يقول بعدَ ما كَبِرَ: يا لَيْتَني قَبِلْتُ رُخصَةَ النبي – صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى قال: «ألم أخبَر أنَّك تَصوم الدَّهر، وتَقْرَأ القرآن كلَّ ليلة؟» فقلتُ: بلى، يا نَبيَّ الله، ولم أُرِد بذلك إلا الخير، وفيه قال: «فصُم صومَ داودَ، فإنه كان أعبد النَّاس» – وفيه قال -: «واقرأ القرآن في كل شهر» ، قال: قلتُ: يا نبيَّ الله، إني أطيقُ أفضلَ من ذلك، قال: «فاقرأهُ في كلِّ عشرين» ، قال: فقلتُ: يا نبيَّ الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال: «فاقرأهُ في عشر» ، قلت: يا نبيَّ الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال: «فاقرأه في سَبعٍ، لا تزد على ذلك» . قال: فَشَدَّدْتُ فَشُدِّد عليَّ، وقال لي النبي – صلى الله عليه وسلم: إنك لا تدري لَعلَّكَ يَطولُ بك عُمُرٌ» ، قال: فصِرتُ إلى الذي قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم، فلما كبِرْتُ وَدِدتُ أني كنتُ قَبِلْتُ رُخصة نبيّ الله – صلى الله عليه وسلم. زاد مسلم «فإنَّ لِوُلْدِك عليك حقًّا».
وفي أخرى: قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم: «إنكَ لَتَصومُ النَّهار، وتقومُ الليل؟» قلت: نعم، قال: «إذا فعلتَ ذلك هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ، ونَفِهَت له النَّفسُ، لا صامَ من صامَ الأبد، صومُ ثلاثة أيامٍ صومُ الدَّهر كلِّه» . قلت: فإن أطيق أكثر من ذلك، قال: «فصم صوم داود، كان يصوم يومًا ويُفْطِرُ يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقى » .
وزاد في رواية: «مِن لي بهذه يا نبي الله» . وفي رواية نحوه، وفيه «وصُم من كل عشرةِ أيَّام يومًا، ولك أجر تسعة» – وفي – فقال النبي – صلى الله عليه وسلم: «لا صامَ من صامَ الأبدَ» ثلاثًا. هذه روايات البخاري ومسلم. ووافقهما أبو داود على الرواية الأولى. والنسائي على الأولى والثانية، وألفاظُهُم جميعُهم متقاربة باتفاق المعنى. وأخرج البخاري والنسائي عنه.
قال البخاري: قال عبد الله بن عَمْرو: أنكَحَني أبي امرأةً ذات حَسبٍ، وكان يتعاهدُ كَنَّتَهُ، فيسألها عن بَعْلِها، فتقول له: نِعْمَ الرَّجُلُ من رجلٍ لم يطأ لنا فراشًا، ولم يُفَتِّش لنا كَنَفًا مُذْ أتَيْناهُ، فَلَمَّا طال ذلك عليه، ذكر ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم، فقال: «ألقني به» فلقيتُهُ بَعدُ، فقال: «كيف تصوم؟» قلت: كلَّ يومٍ. قال: «وكيف تَخْتِمُ؟» قلت: كلَّ ليلة، فقال: «صُم كلَّ شهرٍ ثلاثة أيَّامٍ، واقرأ القرآن في كل شهر» . قال: قلت: فإني أطيق أكثَر من ذلك، قال: «صُم ثلاثة أيام في الجمعة» . قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: «أفطر يومين وصم يومًا» . قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: «صم أفضل الصوم، صوم داود: صيام يوم. وإفطار يوم. واقرأ في كل سَبْعِ ليال مَرَّةً» قال: فَلَيْتَني قَبِلتُ رُخصة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، وذلك أنِّي كَبِرْتُ وضَعُفْتُ، وكان يقرأ على بعض أهله السُّبُع من القرآن بالنَّهار، والَّذي يقرؤه يَعرضُهُ منَ الليل، ليكون أخفَّ عليه بالليل، وإذا أراد أن يَتَقَوَّى أفطر أيَّامًا، وأحصَى وصام مثلَهُنَّ، كراهِيةَ أن يَتْرَكَ شيئًا فارق عليه النبي – صلى الله عليه وسلم.
ورواية النسائي قال: زَوَّجني أبي امرأة، فجاء يزورنا، فقال: كيف تَرَيْنَ بَعْلَكِ؟ قالت: نعم الرجلُ، لا ينام الليل، ولا يُفْطِرُ النَّهارَ، فوقع بي وقال: زوَّجْتُك امرأةً من المسلمين، فعَضَلْتَها، قال: فجعلتُ لا ألتفِت إلى قوله، مما عند من القُوَّةِ والاجتهاد، فبلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم. فقال: «لكني أنا أقوم وأنامُ، وأصومُ وأفطِرُ، فَقُمْ ونَم، وصُم وأفطر» – وذكر الصوم نحو ما تَقدَّم، وقال: «اقرأ القرآن في شهر» ، ثم انتهى إلى خمس عشرة، وأنا أقول: أنا أقوى من ذلك.
وأخرجه مثل رواية البخاري، ولم يذكر فيه القراءة.
وأخرج الترمذي طرفًا من هذه الروايات، وهو قوله: «أفْضَلُ الصَّوم صَوْمُ أخي داود، كان يصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقى» . ولِقلَّةِ ما أخرَجَ منه لم نُعْلِمْ عليه علاَمته. وسيجيء ذِكْرُهُ مع باقي روايات هذا الحديث في كتاب الصَّوم من حرف الصاد.
وقد أخرج البخاري ومسلمٌ وأبو داود والنسائي هذا الحديث مختصرًا جامعًا، فقال: إنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ أحبَّ الصيام إلى الله: صيامُ داودَ، وأحبَّ الصلاة إلى الله: صلاةُ داود، كان ينامُ نِصْفَ الليل، ويقومُ ثُلُثَهُ، وينَامُ سُدُسَهُ، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا» .
1337/ 88 – (خ م ط د ت س ه – عائشة رضي الله عنها ) قالت: كان للنبي – صلى الله عليه وسلم حصيرٌ، وكان يُحَجِّرُهُ باللَّيل فيُصلي فيه، ويَبْسُطُهُ بِالنَّهار، فَيَجْلِس عليه، فجعل النَّاسُ يَثُوبُونَ إلى النَّبي – صلى الله عليه وسلم، يُصَلُّونَ بصلاته، حتَّى كَثُرُوا، فأقبَلَ، فقال: «يا أيُّها النَّاسُ، خُذُوا من الأعمال ما تطيقون، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتَّى تَملُّوا ، وإنَّ أحَبَّ الأعمال إلى الله ما دَامَ وإن قلَّ» .
زاد في رواية: «وكان آلُ محمَّدٍ إذا عَمِلُوا عَملاً أثبَتُوه» .
وفي رواية قال: إنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم سُئلَ، أيُّ العَمَل أحبُّ إلى الله؟ قال: «أدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ» .
زادَ في رواية «واكْلَفُوا من الْعَمَلِ ما تُطيقون» .
وفي رواية أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: «سَدِّدُوا وقاربُوا، واعلموا أنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ أحَدَكُم عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وأنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإنْ قلَّ» .
زاد في أخرى: «وأبشِرُوا، قالوا: ولا أنتَ يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدَني اللهُ بِمَغْفِرَةٍ ورَحْمَةٍ» .
هذه روايات البخاري ومسلم.
وللبخاري و «الموطأ» . قالت: كان أحبُّ الأعمال إلى الله الَّذي يدومُ عليه صاحبُهُ.
ولمسلم: كان أحبُّ الأعمال إلى الله أدومَها وإن قلَّ.
وكانت عائشة إذا عَمِلتِ العمل لَزِمَتْهُ.
وفي رواية الترمذي: كان أحب العمل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم ما ديم عليه.
وفي أخرى له قال: سُئِلَتْ عائِشةُ وأمُّ سَلَمَة: أيُّ العمل كان أحبَّ إلى رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم؟ قالتا: ما دِيمَ عَلَيْهِ وإنْ قَلَّ.
وفي رواية أبي داود: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم قال: «اكْلَفوا من العمل ما تُطيقون، فإنَّ الله لا يَملُّ حتَّى تَملُّوا، وإنَّ أحبَّ العملِ إلى الله أدومُهُ وإن قلَّ، وكان إذا عمل عملاً أثبته» .
وفي أخرى له قال: سألتُ عائشةَ: كيف كان عملُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟ هل كان يَخُصُّ شيئًا من الأيام؟ قالت: لا، كان عَملُه دِيمةً، وأيُّكم يستطيع ما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم يستطيع؟.
وفي رواية النسائي. قالت: كان لرسول الله – صلى الله عليه وسلم حصيرةٌ يَبْسُطُها، ويحتجرها بالليل، فيُصلي فيها، ففَطِنَ له النَّاس، فصلَّوْا بصلاتِهِ، وبينهم وبينه الحصيرة، فقال: «اكلَفُوا مِنَ العَملِ ما تُطيقون، فإنَّ الله تبارك وتعالى لا يمل حتَّى تملُّوا، فإنَّ أحبَّ العمل إلى الله أدْوَمُهُ وإن قَلَّ، ثُمَّ تركَ مُصَلاَّه ذلك. فما عاد له حتى قبضَه الله عزَّ وجلَّ، وكان إذا عَمِلَ عملاً أثْبَتَهُ » .
وأخرج ابن ماجه طرفاً منه و لفظه : عن عائشة قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم حصيرٌ يبسط بلنهار و يحتجره بالليل، يصلي إليه .
1338/ 89 – (خ م س ه – أبو هريرة رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُدْخِلَ أحدًا منكم عَمَلُه الجَنَّةَ» . قالوا: ولا أنتَ؟ قال: «ولا أنا، إلا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِفَضلٍ ورَحْمَةٍ » . هذا للبخاري – وزاد مسلم «ولكن سَدِّدُوا» . في بعض طُرقه -. وفي أخرى لمسلم. قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «قاربوا وسدِّدُوا، واْعْلَمُوا أنهُ لن يُنجِيَ أحدًا منكم عملُهُ» . قالوا: ولا أنت؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ برحمَةٍ منه وفَضل» .
ولإبن ماجه مثلها .
وللبخاري مثلُها، إلى قوله «برحمةٍ» وزادَ «سَدِّدُوا وقاربُوا، واغْدُوا ورُوحُوا، وشيئًا من الدُّلْجةِ، والقَصْدَ القَصْدَ تبلُغُوا» .
وفي أخرى للبخاري وللنسائي قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هذا الدِّين يُسْرٌ، ولنْ يُشادَّ الدِّينَ أحدٌ إلا غَلَبَه، فَسَدِّدُوا وقاربوا، وأبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغُدوةِ والرَّوْحَة، وشيءٍ من الدُّلْجةِ» .
1339/ 90 – (م) جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: سمعت رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يُدْخِلُ أحدًا منكم عملُهُ الجنَّةَ، ولا يُجيرُه من النَّار، ولا أنا، إلا برحمة الله عز وجل» .
وفي رواية قال: «قاربُوا وسَدِّدُوا، واعلموا أنهُ لن يَنْجُوَ منكم أحدٌ بِعَملِه» . قالوا: يا رسول الله، ولا أنتَ؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» أخرجه مسلم.
1340/ 92 – (د) سهل بن أبي أمامة – رضي الله عنهما – أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة، في زمان عُمَرَ بن عبد العزيز، وهو أميرُ المدينة فإذا هو يُصلي صلاةً خفيفة دَقيقة، كأنها صلاةُ مُسافِرٍ، أو قريبٌ منها، فلما سلَّم قال: يرحمُك الله، أرأيت هذه الصلاة المكتوبةَ، أو شيء تَنَفّلتَه؟ قال: إنَّها لَلْمكتوبَةُ، وإنها لصلاةُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم ما أخطأتُ إلا شيئًا سَهَوْتُ عنه، ثم قال: إنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُشدِّدوا على أنفسكم فَيُشَدَّدَ عليكم، فإنَّ قومًا شدَّدُوا على أنفسهم، فشُدِّدَ عليْهِم، فتلْك بقاياهم في الصَّوامِعِ والدِّيار، رَهْبانِيَّةً ابتَدَعوها ما كتبناها عليهم» . ثم غَدا من الغد، فقال ألا تركبُ لننظُرَ ونعتبِرَ؟ قال: نعم، فركبُوا جميعًا، فإذا بديار بَادَ أهْلُها وانْقَضوْا وفَنُوا، خاويةً على عُروشِها، فقال: تَعْرِفُ هذه الديار؟ فقال: «ما أعرَفَني بها وبأهلها، هؤلاء أهلُ ديار أهلَكهُمْ البَغْيُ والحسدُ، إنَّ الحسدَ يُطفِئ نُور الحسنات، والبغيُ يصدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُهُ، والعَيْن تزني، والكفُّ والقَدَمُ والجسَدُ واللسانُ، والفرجُ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُهُ» . أخرجه أبو داود.
1341/ 93 – (خ د س ه – أنس بن مالك رضي الله عنه ) قال: دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بين السَّاريتين، فقال: ما هذا الحبلُ؟ قالوا: حَبلٌ لزينبَ، فإذا فَترتْ تعلَّقتْ به، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم: «لا، حُلُّوهُ، ليُصلِّ أحَدُكُم نَشاطَهُ، فإذا فَتَر فَلْيَقْعُدْ» هذه رواية البخاري والنسائي وابن ماجه.
وفي رواية أبي دواد: «ما هذا الحبلُ» ؟ فقيل: يا رسول الله، حَمْنَةُ بنت جَحْشٍ تُصلِّي، فإذا أعْيَتْ تَعَلَّقَتْ به، فقال: «حُلُّوه، لتُصَلي ما أطَاقَتْ، فإذا أعْيَتْ فَلْتَجْلِسْ» .
وفي رواية له قالوا: زيْنَبُ تُصَلِّي، فإذا كَسِلَت، أو فَتَرَتْ أمْسَكَتْ به، فقال: «حُلُّوهُ، ليُصلِّ أحدُكُم نشاطَهُ، فإذا كَسِلَ أو فَتَر فليقعد» .
1342/ 94 – (خ م ط س ه – عائشة رضي الله عنها ) قالت: كانت عِندي امرأةٌ من بَني أسَدٍ، فدخلَ عليَّ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم فقال: «مَنْ هَذِهِ؟» قُلْتُ: فُلانة، لا تنامُ من الليل، تذكُرُ من صَلاَتِها، قال: «مَهُ، عليكم من الأعمال ما تُطيقون، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا، وكان أحبُّ الدِّين ما داوم عليه صاحبُهُ». أخرجه البخاري ومسلم والنسائي و ابن ماجه.
وفي أخرى لمسلم: أنَّ الحوْلاءَ بنتَ تُوَيْتٍ مرَّتْ بها، وعندها رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم فقلتُ: هذه الحَوْلاءُ بنتُ تُويْت، وزعموا أنها لا تنام اللَّيلَ، فقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم: «لا تنامُ الليل؟ خُذُوا من العمل ما تُطيقون، فوالله لا يَسأمُ اللهُ حتى تسْأمُوا» .
وأخرجه «الموطأ» مُرسلاً عن إسماعيل بن أبي حكيم، أنهُ بَلغَهُ أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم سَمِعَ امرأة من اللَّيلِ تُصَلِّي، فقال: «مَن هذه؟» قيل: الحوْلاءُ بنتُ تُوَيْت لا تَنامُ اللَّيلَ، فكَرِهَ ذَلِكَ، حتَّى عُرِفَتِ الكَرَاهِيَةُ في وجهِهِ، ثمَّ قال: «إنَّ الله لا يَملُّ حتَّى تملُّوا، اكْلَفُوا من العمل ما لكم به طاقَةٌ».