22316 / 7809 – (خ س) عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال: «إنَّ أوَّلَ قَسَامَة كانت في الجاهلية: لَفَينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم استأْجرَه رجل من قريش من فَخِذ أخرى، فانطلق معه في إبِلِهِ، فمَرَّ به رجل من بني هاشم، قد انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جَوَالِقِهِ، فقال: أغِثْني بعِقال أشُدُّ به عروةَ جَوَالِقي، لا تَنفِر الإبل، فأعطاه عِقَالاً، فَشَدَّ به عُروةَ جَوالِقِه، فلما نزلوا عُقِلَتْ الإبل إلا بَعيِراً واحداً، فقال الذي استأْجره: ما بال هذا البعير لم يُعْقَلْ من بين الإبل؟ قال: ليس له عِقَال، قال: فأين عِقاله؟ قال: فحذفه بعَصا كان فيها أجلُهُ، فمرَّ به رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهدُ الموسم؟ قال: ما أشهدُ، وربما شهدتُهُ، قال: هل أنت مُبَلِّغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: فإِذا شهدتَ الموسم فنادِ: يا آل قريش، فإِذا أجابوك، فنادِ: يا آل بني هاشم، فإِن أجابوك، فَسَلْ عن أبي طالب، فأَخبره أن فلاناً قتلني في عِقَال، ومات المستأجَر، فلما قَدِمَ الذي استأْجره، أتاه أبو طالب، فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مَرِضَ، فأحسنْتُ القيام عليه وَوَليتُ دفْنَه، قال: قد كان أهلُ ذاك منك، فمكث حيناً، ثم إن الرجل الذي أوْصَى إليه أن يبلِّغ عنه وافَى الموسمَ، فقال: يا آل قريش، قالوا: هذه قريش، قال: يا آل بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب، قال: أمرني فلان أن أبَلِّغَكَ رسالة: أنَّ فلاناً قتله في عِقَال، فأتاه أبو طالب، فقال: اخْتَرْ مِنَّا إِحدى ثلاث: إن شئتَ أن تؤدِّيَ مائة من الإِبل، فإنك قتلتَ صاحبنا، وإنْ شئتَ حَلَفَ خمسون من قومكَ أنَّكَ لم تقتُلْهُ، فإن أبَيْتَ قتلناك به، فأتى قومَهُ فأخبرهم، فقالوا: نحلفُ، فأتته امرأة من بني هاشم – كانت تحت رجل منهم قد وَلَدَتْ منه – فقالتْ: يا أبا طالب، أُحِبُّ أن تجير ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تَصْبُرْ يمينَه حيث تُصْبَرُ الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم، فقال: يا أبا طالب، أردتَ منا خمسين رجلاً أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كلِّ رجل منهم بعيران، هذان بعيران، فاقبلهما مِني، ولا تَصْبُرْ يميني حيث تُصبرَ الأيمان، فقبلهما، وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا» .
قال ابن عباس: «فوالذي نفسي بيده، ما حال الحول، ومن الثمانية وأربعين عين تَطْرِفُ» أخرجه البخاري والنسائي.
22317 / 7810 – (م س) أبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم «أقَرَّ القَسَامةَ على ما كانت عليه في الجاهلية» .
وفي رواية عن أُنَاس من أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: «أن القَسامة كانت في الجاهلية، فأقرَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها بين الناس من الأنصار في قتيل ادّعوه على يهود خيبر» . أخرجه مسلم والنسائي.
22318 / 7811 – (س) سعيد بن المسيب قال: «كانت القَسامةُ في الجاهلية، فأقرَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الأنصاريِّ الذي وُجِدَ مَقتولاً في جُبِّ اليهود، فقال الأنصار: قَتَلُوا صاحبنا» . أخرجه النسائي.
22319 / 7812 – (خ م ط د ت س ه – سهل بن أبي حَثمة رضي الله عنه ) قال: «انطلق عبد الله بنُ سهل، ومُحَيِّصةُ بنُ مسعود إِلى خَيْبَرَ، وهي يومئذ صلح، فتفرَّقا، فأتَى محيِّصةُ إلى عبد الله بنِ سهل وهو يَتَشَحَّطُ في دَمِه قتيلاً، فدفنه، ثم قَدِمَ المدينةَ، فانطلقَ عبد الرحمنِ بنُ سهل، ومحيِّصةُ وحُويِّصة ابنا مسعود إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلَّم، فقال: كَبِّرْ كَبِّرْ – وهو أَحدَثُ القوم – فَسَكَتَ، فتكلّما، فقال: أتَحْلِفُونَ، وتستحقون قاتِلكم، أو صاحبكم؟ قالوا: وكيف نحلفُ ولم نَشْهَدُ، ولم نَرَ؟ قال: فتُبْرِئُكم يَهودُ بخمسين؟ قالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فَعَقَلَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من عنده» .
وفي رواية: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يُقْسِمُ خمسون منكم على رجل منهم فيُدفَع بِرُمَّته، قالوا: أمْر لم نَشْهَدهُ، كيف نحلف؟ قال: فَتُبْرئكم يهودُ بأيمانِ خمسينَ منهم، قالوا: يا رسولَ الله، قوم كفار … » وذكر الحديث نحوه.
وفي أخرى فقال لهم: «تأتونَ بالبيِّنةِ على مَنْ قَتَله؟ فقالوا: مَا لَنَا بَيِّنة، قال: فيحلفون، قالوا: لا نرضَى بأيْمان اليهود، فَكَرهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُبْطِلَ دمه، فوَدَاهُ بمائة من إبل الصدقة» .
وفي أخرى: «فجاءَ عبد الرحمنِ بنُ سهل، وحُويِّصة ومُحيِّصة ابنا مسعود، وهما عمَّاه» .
وفي أخرى «أن رجلاً من الأنصار من بني حارثة – يقال له: عبد الله بن سهل بن زيد – انطلق هو وابنُ عَمّ له، يقال له: محيِّصة بن مسعود بن زيد» .
وفي أخرى عن سهلِ بنِ أبي حَثْمةَ، ورافع بن خديج … الحديث، وفيه: قال سهل: «دَخلتُ مِرْبداً لهم يوماً، فركضتني ناقة من تلك الإبل ركضة برجلها» .
وفي أخرى عن سهل بن أبي حَثْمَة عن رجال من كبراءِ قومه «أنَّ عبد الله بنَ سهل، ومحيّصةَ، خرجا إلى خيبر من جَهْد أصابهم، فأتى محيِّصةُ فأخبرَ أنَّ عبد الله بنَ سهل قد قُتلَ وطُرِحَ في عين أو فَقير، فأتى يهودَ، فقال: أَنتم والله قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حُوَيِّصة – وهو أكبر منه – وعبد الرحمن بنُ سهل، فذهبَ مُحَيِّصَةُ ليتكلم – وهو الذي كان بخيبر – فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمحيِّصة: كَبِّر، كَبِّرْ – يريدُ السِّنَّ – فتكلَّم حُوَيِّصة، ثم تكلَّم مُحَيِّصةُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إمَّا أنْ يَدُوا صاحبَكم، وإمَّا أن يُؤذِنوا بِحَرب، فكتبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهم في ذلك، فكتبوا: إنَّا والله ما قتلناه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحُويِّصةَ ومُحَيِّصَةَ، وعبد الرحمن: أتَحْلِفُونَ وتستحقُّون دَمَ صاحبكم؟ قالوا: لا، قال: فتحلف لكم يهودُ؟ قالوا: لَيْسوا مسلمين، فَوَدَاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مائةَ ناقة حمراءَ، حتى أُدْخِلَتْ عليهم الدارَ، فقال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراءُ» أخرجه البخاري ومسلم . وابن ماجه أخرج هذه الرواية الأخيرة.
وفي رواية لمسلم «فَوَدَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عنده، قال سهل: لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض بالمربَدِ» .
وفي رواية بنحو ما تقدَّم «فلما رأى ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعطى عَقْلَه» .
وفي أخرى «كَبِّرِ الكُبْرَ، أو قال: لِيَبْدَأ الأكبرُ» .
وأخرج الموطأ الرواية التي قال فيها: «عن رجال من كبراءِ قومه» .
وفي أخرى له «أن عبد الله بنَ سهل الأنصاريَّ، ومُحَيِّصَةَ بن مسعود خرجا إِلى خيبر، فتفرَّقا في حوائجهما، فَقُتِلَ عبد الله بنُ سهل، فَقدِمَ محيِّصَةُ فأَتى هو وأخوه حويِّصةُ وعبد الرحمن بن سهل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن ليتكلَّم، لمكانه من أخيه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: كبِّرْ كبِّرْ، فتكلَّم محيِّصة وحويِّصة، فذكرا شأنَ عبد الله بن سهل، فقال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أتَحْلِفُونَ خمسين يميناً وتستحقُّونَ دَمَ صاحبكم، أو قاتلكم؟ فقالوا: لم نشهدْ يا رسولَ الله، ولم نَحْضُرْ، فقال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: فتُبْرِئكم يهودُ بخمسين يميناً؟ فقالوا: يا رسولَ الله، كيف نقبل أيْمَانَ قوم كفار؟» قال يحيى بن سعيد: فزعم بُشَير بن يسار: «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَدَاهُ من عنده» .
وأخرج أبو داود رواية سَهلْ بن أبي حَثْمةَ، ورافعَ بن خديج بطولها، وهذا لفظه «أنَّ محيصةَ بنَ مسعود، وعبد الله بنَ سهل: انطلقا قِبلَ خَيْبرَ، فتفرَّقا في النخل، فقُتل عبد الله بنُ سهل، فاتَّهموا اليهود، فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل، وابنا عمّه حويصِّة ومُحَيِّصةَ، فأتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فتكلَّم عبد الرحمن في أمر أخيه – وهو أصغرهم – فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: الكُبْرَ الكبر، أو قال: ليبدأ الأكبر، فتكلما في أمر صاحبهما، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يُقْسم خمسون منكم على رجل منهم، فيُدفع برُمَّته، فقالوا: أمر لم نَشْهَدْهُ، كيف نحلف؟ قال: فتُبْرِئُكم يهودُ بأيْمانِ خمسينَ منهم، قالوا: يا رسولَ الله، قوم كُفَّار، قال: فَوَدَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن قِبَلِهِ، قال: قال سهل: دخلت مِرْبداً لهم يوماً، فَركَضَتْني ناقة من تلك الإبل رَكضة برجلها» هذا أو نحوه، هكذا قال أبو داود.
وقال أبو داود: رواه بشر بن المفضل ومالك عن يحيى بن سعيد، قال: «أتَحْلِفُونَ خمسين يميناً وتستحقون دم صاحبكم، أو قاتلكم؟» ولم يذكر بشرٌ «دَمَ» .
وقال أبو داود: رواه ابن عيينة عن يحيى، فبدأ بقوله: «تُبْرِئُكم يهودُ بخمسين يميناً يحلفون» ولم يذكر الاستحقاق.
وأخرج الرواية التي هي «عن رجال من كبراء قومه» إِلا أنه قال: عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه، ولم يقل: «عن سهل عن رجال من كبراء قومه» .
وأخرج أيضاً التي آخرها «فَودَاه بمائة من إبل الصدقة» .
وله في أخرى عن عبد الرحمن بن بُجيد، قال: «إن سَهْلاً والله أوْهمَ الحديثَ، إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهودَ: إِنَّه قد وُجِدَ بين أظهركم قَتيل، فَدُوهُ، فكتبوا يَحْلِفُونَ بالله خمسين يميناً ما قتلناه، ولا علمنا قاتِلاً، قال: فَوَدَاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة».
وأخرج النسائي الرواية التي هي «عن رجال من كبراء قومه بتمامها» .
وأخرجها عن سهل بن أبي حثمة ولم يقل: «عن رجال من كبراء قومه» والرواية التي آخرها «فَوَدَاهُ بمائَة من إبل الصدقة» .
وأخرج الرواية الأولى، والرواية التي هي «عن سهل، ورافع بن خديج» مثل لفظ أبي داود فيها، والرواية الثانية التي هي للموطأ.
وأخرج الرواية التي في أولها فجاء أخوه وعمَّاه حويِّصةُ ومُحَيِّصَةُ، وهما عمّاه، والتي في آخرها «فركضَتْني فريضة من تلك الفرائض في مِرْبد لها» والرواية التي لأبي داود عن مالك عن يحيى.
وأخرج الترمذي نحواً من رواية سهل ورافع، وقال في آخرها: «فلما رأى ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أعطى عقله» .
وأخرج رواية سهل ورافع، ولم يذكر لفظها، إنما قال: نحو هذا الحديث بمعناه.
وفي رواية ذكرها رزين قال: «ينفل لكم يهودُ أيمان خمسين منهم، قالوا: ما يُبالون أن يقتلونا أجمعين؟ وينفلون بخمسين يميناً» .
22320 / 7813 – (د) رافع بن خديج رضي الله عنه قال: «أصْبَحَ رَجُل مِنَ الأنصار مَقْتُولاً بخْيبَرَ، فَانْطَلَقَ أولياؤه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: لكم شاهدان يشهدان على قاتل صاحبكم؟ قالوا: يا رسولَ الله، لم يكن ثَمَّ أحدٌ من المسلمين، وإنما هم يهود، وقد يجترئون على أعظم من هذا، قال: فاختاروا منهم خمسين فاسْتَحْلِفُوهم، فَوَدَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ عنده» أخرجه أبو داود.
22321 / 7814 – (س ه – عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه ) «أنَّ ابنَ محيِّصةَ الأصغرَ أصبح قتيلاً على أبواب خيبر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أقِمْ شاهِدَين على مَنْ قتله، أدفَعُهُ إليك بِرُمَّتِهِ، قال: يا رسولَ الله، ومِنْ أيْنَ أصيبُ شاهدين، وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم؟ قال: فَتَحْلِفُ خمسين قَسامَة؟ قال: يا رسولَ الله، وكيف أحلف على ما لم أعلم؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: فَنَسْتَحلِفُ منهم خمسين قَسَامَة؟ فقال: يا رسولَ الله، كيف نستحلفهم وهم اليهود؟ فَقَسَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ عليهم، وأعانهم بنصفها» . أخرجه النسائي.
ووقع في رواية ابن ماجه : أَنَّ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ ابْنَيْ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ سَهْلٍ، خَرَجُوا يَمْتَارُونَ بِخَيْبَرَ، فَعُدِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقُتِلَ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تُقْسِمُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُقْسِمُ وَلَمْ نَشْهَدْ؟ قَالَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا تَقْتُلَنَا، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ.
22322 / 7815 – (خ) أبو قلابة رضي الله عنه «أنَّ عمرَ بنَ عبد العزيز أبرزَ سريره يوماً للناس، ثم أَذِنَ لهم، فدَخَلُوا، فقال لهم: ما تقولون في القسامة؟ قالوا: نقول: القَسامةُ القَوَدُ بها حقّ، وقد أقادتْ بها الخلفاءُ، فقال لي: ما تقولُ يا أبا قلابةَ؟ – ونصبني للناس – فقلتُ: يا أمير المؤمنين، عندك رؤوسُ الأجناد، وأشرافُ العرب، أَرأَيتَ لو أن خمسين منهم شهدوا على رَجُل مُحْصَنٍ بِدمشقَ: أنه قد زنى ولم يَرَوْهُ، أكُنتَ ترْجُمه؟ قال: لا، قلتُ: أَرأَيتَ لو أنَّ خمسين منهم شهدوا على رجُل بحمص أنَّه قد سَرَقَ، أكنت تقطعُه ولم يَرَوْهُ؟ قال: لا، قلتُ: فوالله ما قَتَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحداً قطّ إلا في إحدى ثلاثِ خصال: رجل قَتَلَ بجريرةِ نفسه فقُتِلَ، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارَبَ الله ورسوله، وارتَدَّ عن الإسلام، فقال القومُ: أوَ لَيْسَ قَد حَدَّثَ أنسُ بن مالك: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قطع في السَّرَق، وسَمَر الأعينَ، ثم نَبَذَهُمْ في الشمس؟ فقلتُ: أنا أُحَدِّثكم حديث أنس: حدَّثني أنس أن نَفَراً من عُكْل ثمانية، قَدِمُوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه على الإسلام، فاسْتَوخَمُوا المدينة، فَسَقِمَتْ أجسامُهم، فَشَكَوْا ذلك إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا تخْرُجُونَ مع راعينا في إبله، فَتُصيبون من أبوالها وألبانها؟ قالوا: بلى، فخرجوا، فشربوا من ألبانها وأبوالها، فَصَحُّوا، فقتلوا راعيَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأطردوا النَّعَم، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهم، فَأُدْرِكوا، فجيء بهم، فَأَمَرَ بهم فَقُطِّعَتْ أيديهم، وسَمَر أعينَهم، ثم نَبَذَهُمْ في الشمس، حتى ماتوا، قلتُ: وأيُّ شيء أشَدُّ مما صنع هؤلاء؟ ارتدُّوا عَنِ الإسلام، وقَتَلُوا، وسَرَقوا، فقال عَنْبَسةُ بنُ سعيد: والله إِنْ سمعتُ كاليومِ قطّ، قلتُ: أتَرُدُّ عَلَيَّ حديثي يا عَنْبَسة؟ فقال: لا، ولكن جئتَ بالحديث على وجهه، والله لا يزال هذا الجُنْدُ بخير ما عاش هذا الشيخُ بين أظهرهم، قلتُ: وقد كان في هذا سُنَّة من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، دخل عليه نَفَر من الأنصار، فتحدَّثوا عنده، فخرج رجل منهم بينَ أيديهم فقتل، فخرجوا بعده، فإذا هم بصاحبهم يتشحَّط في الدم، فرجعوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، صاحِبُنا كان يتحدَّث معنا، فخرج بين أيدينا، فإذا نحن به يتشحَّط في الدم، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مَنْ تَظُنُّون؟ أو مَنْ تَرَوْنَ قتله؟ قالوا: نَرَى أن اليهودَ قتلتْهُ، فأرسل إلى اليهود، فدعاهم، فقال: أنتم قتلتم هذا؟ قالوا: لا، قال: أتَرْضَونَ نَفْلَ خمسينَ من اليهود ما قتلوه؟ قالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين ثم يَنْفِلون، قال: أفتستحقُّون الديةَ بأيمْانِ خمسينَ منكم؟ قالوا: ما كُنَّا لنحلفَ، فَوَدَاه، من عنده، قلتُ: وقد كانت هذيل خلعوا خليعاً لهم في الجاهلية، فطرقَ أهلَ بيت من اليمن بالبطحاء، فانتبه له رجل منهم، فحذَفه بالسيف فقتله، فجاءت هُذَيل، فأخذوا اليمانيَّ، ورفعوه إلى عُمَر بالموسِم، وقالوا: قتل صاحَبَنَا، فقال: إنهم قد خلعوه، فقال: يُقسِمُ خمسون من هذيل ما خلعوه، قال: فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلاً، وقَدِمَ رجل منهم من الشام، فسألوه أن يقسم، فافتدى يمينه منهم بألف درهم، فأدخلوا مكانه رَجُلاً، فدفعوه إلى أخي المقتول، فَقُرنت يده بيده، قال: فانطلقا والخمسون الذين أقسموا، حتى إذا كانوا بِنَخُّلَة أخذتهم السماءُ، فدخلوا في غار في الجبل، فانْهَجَمَ الغار على الخمسين الذين أقسموا فماتوا جميعاً، وأُفْلتَ القرينان، واتَّبَعَهُما حَجَر، فكسر رِجْلَ أخي المقتول، فعاش حَوْلاً ثم مات، قلتُ: وقد كان عبد الملكِ بنُ مروان أقادَ رجلاً بالقَسَامة، ثم نَدِم بعدما صنع، فأَمَرَ بالخمسين الذين أقسموا فَمُحُوا مِنَ الديوان، وسيَّرهم إلى الشام» هكذا في رواية البخاري، من حديث أبي بِشْر إسماعيل بن إبراهيم الأسَدِي، وهو ابن عُلَيَّةُ عن حجاج الصواف بطوله، وفي حديثه: عن علي بن عبد الله المديني، عن الأنصاريِّ نحوه مختصراً، وفيه: فقال عنبسةُ: «حدَّثنا أنس بكذا، فقال: إيايَّ حَدَّث أنس … » وذكر حديث العُرَنيِّينَ، ولم يخَرِّج مسلم منه إلا حديث العُرَنيِّين فقط، واختصر ما عداه، ولقلة ما أخرج منه لم نُثْبِتْ له علامة.
22323 / 7816 – (د) عمرو بن شعيب – رحمه الله – عن أبيه عن جده «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم : قَتَلَ بالقَسامة رجلاً من بني نضر بن مالك بِبَحرةِ الرُّغاء على شَطِّ لَيَّةِ البَحرَةِ، قال: القاتلُ والمقتولُ منهم؟» أخرجه أبو داود.
22324 / 2768 – (د) بشير بن يسار – مولى الأنصار رضي الله عنه: زعم أن رجلاً من الأنصار، يقال له سَهل بن أبي حَثْمة، أَخبره: «أن نَفَراً من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرَّقوا فيها، فوجدوا أحدهم قتيلاً … الحديث، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وَدَاهُ مائة من إِبل الصدقة – يعني: دِيَةَ الأنصاري الذي قُتِلَ بِخَيْبَرَ». أَخرجه أَبو داود.
22325 / 10734 – عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «وُجِدَ قَتِيلٌ أَوْ مَيِّتٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَرَعَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ أَيُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ فَوُجِدَ أَقْرَبَ إِلَى أَحَدِهِمَا بِشِبْرٍ، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى شِبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ أَقْرَبَ».
قال الهيثميُّ : رواه أحمد وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
22326 / 10735 – وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الدَّمِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فُقِدَ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَجَاءَتِ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا: إِنَّ صَاحِبَنَا يَتَشَخَّطُ فِي دَمِهِ. فَقَالَ: “تَعْرِفُونَ قَاتِلَهُ؟” قَالُوا: لَا، إِلَّا أَنَّ قَتَلَتْهُ يَهُودُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “اخْتَارُوا مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا فَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ، ثُمَّ خُذُوا مِنْهُمُ الدِّيَةَ”. فَفَعَلُوا».
قال الهيثميُّ : رواه البزار، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَامِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
22327 / ز – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: وُجِدَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَتِيلًا فِي دَالِيَةِ نَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , «فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ فَأَخَذَ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ خِيَارِهِمْ فَاسْتَحْلَفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِاللَّهِ مَا قَتَلْتُ وَلَا عَلِمْتُ قَاتِلًا ثُمَّ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَيْهِمْ» , قَالُوا: لَقَدْ قَضَى بِمَا فِي نَامُوسِ مُوسَى .
رواه الدارقطني في السنن (4518).
22328 / 10736 – وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حِجَازًا بَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ أَثِمَ فِيهَا، أُرِيَ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ يُنَكِّلُ بِهَا عَنِ الْجَرْأَةِ عَلَى الْمَحَارِمِ، فَكَانُوا يَتَوَرَّعُونَ عَنْ أَيْمَانِ الصَّبْرِ وَيَخَافُونَهَا. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْقَسَامَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ هُمْ أَهْيَبَ لَهَا، لِمَا عَلَّمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقَسَامَةِ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو حَارِثَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ يَهُودَ قَتَلَتْ مُحَيِّصَةَ، فَأَنْكَرَتِ الْيَهُودُ. فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودَ لِقَسَامَتِهِمْ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ ادَّعَوُا الدَّمَ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْلِفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا خَمْسِينَ رَجُلًا كَبِيرًا مَنْ قَتَلَهُ. فَنَكَلَتْ يَهُودُ عَنِ الْأَيْمَانِ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي حَارِثَةَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا خَمْسِينَ رَجُلًا أَنَّ يَهُودَ قَتَلَتْهُ غِيلَةً، وَيَسْتَحِقُّونَ بِذَلِكَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الَّذِي قَتَلَ صَاحِبَهُمْ، فَنَكَلَتْ بَنُو حَارِثَةَ عَنِ الْأَيْمَانِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ 290/6 اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِعَقْلِهِ عَلَى يَهُودَ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَفِي دِيَارِهِمْ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
22329 / 10737 – وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَتِ الْقَسَامَةُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَكُونَ أَكَفَّ لِلنَّاسِ عَنِ الدِّمَاءِ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الزَّبِيدِيُّ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ وَأَغْرَبَ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ مُوسَى بْنُ عِيسَى الزَّبِيدِيُّ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
22330 / 10738 – وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَافِدٍ، «أَنَّ الْيَمِينَ فِي الدَّمِ قَدْ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
قال الهيثميُّ : رواهُ الطبرانيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَارِيَةَ الْعَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.